بل (١) يمكن دعوى السيرة على عدم الاكتفاء في البيوع الخطيرة
______________________________________________________
وبهذا يظهر وجه إضراب المصنف عن قوله : «وقد يظهر ذلك» الى قوله : «بل يظهر» وذلك لأنّ قوله : «قد يظهر» ربما يوهم ضعف ظهور بعض الأخبار في توقف لزوم الملك على اللفظ ، فأراد قدسسره التنبيه على قوة دلالة الأخبار على المدّعى ، ووجه القوة : أنّ البيع بالصيغة إذا كان متعارفا بين أهل السوق والتجار في عصر التشريع اقتضى انصراف إطلاق أدلة الإمضاء ـ مثل آية حلّ البيع ـ الى خصوص البيع القولي ، وخروج الفعلي عن حريم تلك الأدلة. فالمهمّ حينئذ إحراز صغرى التعارف ، والمدّعى دلالة مجموع الأخبار على هذا التعارف من قبيل تراكم الظنون وإن كان كل واحد من الأخبار بخصوصه قاصرا عن إثباته.
(١) هذا دليل ثالث على خروج المعاطاة عن عموم قاعدة اللزوم في الملك ـ غير ما سبق من الإجماع والتعارف ـ وظاهره الترقّي عن مجرّد تداول البيع القولي إلى قيام السيرة المستمرة
__________________
بعضه ، فأبى صاحب الطعام أن يسلّم له ما بقي ، وقال : إنّما لك ما قبضت. فقال : إن كان يوم اشتراه ساعره على أنّه له ، فله ما بقي. وإن كان إنّما اشتراه ولم يشترط ذلك ، فإنّ له بقدر ما نقد» (١).
وجه الدلالة : أنّه عليهالسلام حكم باللزوم بمجرّد المساعرة وإن لم يكن إنشاء المعاملة باللفظ ، فإطلاق «الاشتراء» يشمل الإنشاء باللفظ والفعل ، هذا.
لكن الظاهر أنّه ليس إلّا في مقام بيان حكم الباقي الذي لم يقبضه المشتري ، وأنّه هل يستحق المشتري مطالبته من البائع أم لا؟ فأجاب عليهالسلام بأنّه إن كان يوم اشتراه قدّر المبيع بتمام ذلك الطعام فله المطالبة من البائع ، وإلّا فلا. وأمّا كون إنشاء البيع باللفظ أو الفعل فليس الخبر في مقام بيانه حتى يصح التمسك بإطلاقه.
ثم إنّه بعد تسليم الدلالة على عدم التعارف المزبور يقع التعارض بينه وبين ما ذكره الفقيه المامقاني قدسسره من الروايات التي ادعى رحمهالله دلالتها على التعارف المذكور ، فيرجع الى إطلاق أدلة البيع سواء أكان إنشاؤه باللفظ أم بالفعل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٤٠١ ، الباب ٢٦ من أبواب أحكام العقود ، الحديث : ٣.