الثاني (١) أن يراد بالكلام (٢) اللّفظ مع مضمونه ، كما في قولك : «هذا الكلام صحيح أو فاسد» (٣) ، لا مجرّد اللفظ أعني الصوت. ويكون المراد (٤) : أنّ المطلب الواحد يختلف حكمه الشرعي حلّا وحرمة باختلاف المضامين المؤدّاة بالكلام.
______________________________________________________
(١) محصل هذا الاحتمال الثاني : أنّ المقصود الواحد يختلف حكمه باختلاف المضامين المؤدّاة بالكلام ، يعني : أنّ المقصود الواحد إذا أدّى بعبارة مخصوصة صار حلالا ، وإن أدّى بعبارات اخرى لم يحل ، مثلا : يكون الغرض من النكاح السلطنة على بضع المرأة ، وهو يحصل بقولها : «متعتك نفسي» ولا يحصل بقولها : «سلّطتك على بضعي أو آجرتك بضعي».
وكذا البينونة المقصودة بالطلاق ، فإنّها تحصل بقول الزوج : «أنت طالق» ولا تتحقق بقوله : «أنت خليّة أو مسرّحة أو مطلّقة أو بريّة».
فملخص هذا الوجه هو ملاحظة المطلب الوحداني المقصود الذي يمكن أداؤه بمضامين متعددة ، فيكون أداؤه بمضمون محرّما وبمضمون آخر محلّلا. وعليه فليس المراد في هذا الوجه الثاني محلّلية وجود اللفظ ومحرّمية عدم اللفظ كما كان في الاحتمال الأوّل ، إذ على الاحتمال الثاني يوجد اللفظ في الجميع ، لكن المراد من «إنما يحرم ويحلل الكلام» هو محلليّة لفظ ومحرّمية لفظ آخر ، مع اشتراكهما في تأدية المطلب الواحد.
ويؤيّد إرادة هذا الاحتمال ما ورد في أخبار عقد المزارعة ، وسيأتي بيانها.
(٢) في قوله عليهالسلام : «انما يحلل الكلام ويحرم الكلام».
(٣) حيث إنّ مقصود القائل : «هذا الكلام صحيح» هو صحة مضمونه ، لا مجرّد صحة الألفاظ والكلمات إعرابا وبناء ، فالمنظور إليه هو المفاد والمدلول اللّذان يتوصل إليهما بالألفاظ.
(٤) أي : ويكون المراد من محلّلية الكلام ومحرّميته : أنّ المطلب الواحد .. إلخ.