الرابع (١) أن يراد من الكلام المحلّل خصوص المقاولة والمواعدة ، ومن الكلام المحرّم إيجاب البيع
______________________________________________________
تسمية ثلث للبذر وثلث للبقر ، فهذه التسمية محرّمة وموجبة لفساد العقد وحرمة التصرف ، وعدم هذه التسمية محلّل ، بأن يقول ـ كما علّمه عليهالسلام ـ : «لي الثلث ولك الثلثان» مثلا.
فإن قلت : إنّ احتمال إرادة هذا الوجه الثالث من روايات المزارعة ينافي تصريح المصنف قدسسره في الوجه الثاني بقوله : «وعلى هذا المعنى ورد قوله عليهالسلام : إنّما يحرّم الكلام». والمنافاة واضحة ، لأن أخبار المزارعة إمّا أن تكون مجملة محتملة لكل من الوجه الثاني والثالث ، وإمّا أن تكون ظاهرة في خصوص الاحتمال الثاني ، فإن كانت محتملة لكلا الوجهين لم يصحّ قوله في الوجه الثاني : «وعلى هذا المعنى ورد ..» وإن كانت ظاهرة في خصوص الاحتمال الثاني لم يصح قوله هنا : «ويحتمل هذا الوجه الروايات الواردة في المزارعة».
قلت : لا تنافي بين كلامي المصنف قدسسره ، لأنّ مدعاه في الاحتمال الثاني هو ظهور أخبار المزارعة فيه ، وأنّ المطلب الواحد يمكن تأديته بعبارتين : إحداهما محلّلة والأخرى محرّمة. ومن المعلوم أنّ هذا الظهور لا ينافي احتمال تنزيل تلك الأخبار على الوجه الثالث ، بأن يقال : إنّ وجود الكلام ـ أي تقييد حصّة العامل بالبذر والبقر ـ محرّم ، وعدم هذا التقييد محلّل.
والحاصل : أنّ ظهور الكلام في معنى لا ينافي احتمال إرادة معنى آخر منه. وإنما يتحقق التهافت بينهما إذا ادّعي تارة صراحة الكلام في مؤداه ، واخرى احتماله لمعنى آخر.
(١) محصّل هذا الوجه : أنّ المراد بالكلام المحلّل ـ بالنظر إلى صدر الرواية ومورد السؤال فيها ـ خصوص المقاولة ، وبالكلام المحرّم إيجاب البيع ، لأنّه بيع قبل الشراء ، وهو غير جائز. وتقدم مزيد توضيح لهذا الوجه عند بيان فقه الرواية قبل الشروع في المقام الأوّل المنعقد لبيان محتملات التعليل.
ثم إنّه ينبغي تتميم الكلام ببيان فوارق هذه المحتملات الأربعة ، فنقول : انّ الكلام في هذا الوجه الرابع متعدّد ، لكون المقاولة التي هي الكلام المحلل مغايرة لإيجاب البيع الذي هو الكلام المحرّم. فهذا الوجه الرابع يغاير الوجه الثاني في أنّ المضمون فيه متعدد ، إذ المواعدة غير الإيجاب.
وبعبارة أخرى : المقاولة والبيع مطلبان ، لا مطلب واحد.