.................................................................................................
__________________
اللفظ استشهادا بمثل «كلام الليل يمحوه النهار» غير ظاهر ، إذ لو سلّم الإطلاق المزبور لم يقتض سقوط أصالة الحقيقة في معنى الكلام ، وحمله على الالتزام المجرّد عن النطق. ولو كان المحلّل والمحرّم هو الالتزام البيعي لكان المناسب أن يقال : «يحلل البيع ويحرم البيع».
هذا مضافا إلى : لزوم جعل الحصر إضافيا ، أي كون البيع محرّما بالإضافة إلى المقاولة التي ليست محرّمة ، مع ظهور «انما» في حصر المحلّل في البيع بالإضافة الى كل شيء.
الاحتمال السادس : ما أفاده المحقق الأصفهاني قدسسره وهو : «أنّ الإيجاب الصحيح في ذاته يؤثر تارة في الحلّ واخرى في الحرمة ، كالنكاح المؤثّر في الحلية ، والطلاق المؤثّر في الحرمة. والمراد : أنّ السبب المؤثر تارة في الحلية واخرى في الحرمة منحصر في الكلام. لا أنّ الصحيح المحلّل ، والفاسد المحرّم منحصر في الكلام حتى يورد عليه بالإشكال في المحلّلية والمحرّمية» (١).
وحاصله : أنّ الموصوف بالمحلّلية والمحرّمية هو خصوص الإنشاء الصحيح ، ولا عبرة بالإنشاء الفاسد أصلا. فالكلام الصحيح المحلّل كالعقد في النكاح ، والمحرّم كالطلاق.
وبعبارة أخرى : شأن طبيعة الكلام الصحيح : التحليل والتحريم ، فهو ينقسم الى قسمين. لا أنّ الكلام الواحد محلّل وجودا ومحرّم عدما. أو بالعكس. أو أنّ الكلام إن كان مقاولة فهو محلّل ، وإن كان بيعا فهو محرّم ، وغير ذلك من المحتملات.
وهذا ينطبق على مورد الرواية وهو بيع ما ليس عنده ، فإنّ الدلّال إذا أوجب البيع قبل أن يتملّك المبيع كان إنشاؤه الصحيح محرّما ، وإن أوجبه بعد تملكه له كان محلّلا ، هذا.
وهذا الاستظهار وإن كان وجيها ، لكن تطبيقه على مورد سؤال خالد لا يخلو من شيء ، لأنّه سأل عن حكم الربح وبيع الثوب من الآمر ، فأجابه عليهالسلام ـ وكما في روايات أخرى ـ بأنّ الآمر إن كان بالخيار فلا بأس ، وإلّا ففيه بأس ، ثم علّله بمحلّلية الكلام ومحرّميته.
ولا يبعد حمله على المعنى الثالث من عدم محرّمية المقاولة ومحرّمية إيجاب البيع ،
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٣٧.