وأمّا (١) عمل الحرّ
______________________________________________________
جواز وقوع عمل الحرّ ثمنا في البيع
(١) استدراك على قوله : «وأمّا العوض فلا إشكال في جواز كونه منفعة» وعمل الحرّ وإن كان صنفا من طبيعيّ المنفعة ، إلّا أنّ وجه إفراده بالبحث هو الشبهة في ماليّته ، بخلاف سائر المنافع التي لا ريب في ماليّتها. وقد أشرنا إلى أنّ الثمن إمّا أن يكون عينا أو منفعة أو عمل حرّ أو حقّا ، وتقدم الكلام في مطلق المنفعة ، وجواز وقوعه عوضا ، ويقع الكلام في المقام الثاني وهو استثناء عمل الحرّ عن حكم كلّي المنفعة ، للشك في صدق مفهوم «المال» عليه.
وتوضيح ما أفاده المصنف قدسسره : أنّ منفعة الآدمي ـ التي يقصد جعلها ثمنا في البيع ـ إمّا أن تكون خدمة مملوك ، وإمّا أن تكون عمل حرّ ، والثاني إمّا أن تقع المعاوضة عليه قبل البيع ، وإمّا لا ، فالأقسام ثلاثة :
الأوّل : أن تكون المنفعة عمل مملوك كما إذا أراد السيّد شراء كتاب وجعل ثمنه خدمة مملوكه يوما ، ولا شبهة في صحة هذا البيع ، لكون الثمن مالا مملوكا بتبع ملك رقبته ، ومن المعلوم سلطنة السيّد على أنحاء التصرفات المشروعة في ماله ، ومنها جعل عمل عبده أو أمته ثمنا في شراء سلعة.
الثاني : أن تكون المنفعة عمل حرّ قد عومل بها ، كما إذا آجر زيد نفسه لخياطة ثوب عمرو بدينار ، وصارت الخياطة مملوكة للمستأجر في ذمة أجيره ، فإذا اشترى المستأجر كتابا من بكر صحّ جعل عوضه الخياطة التي يملكها في ذمة زيد ، وتصير مشغولة حينئذ لبكر بعد ما كانت مشغولة لعمرو. والوجه في الصحة كون هذه المنفعة الخاصة مالا مملوكا للمستأجر ، ولا يعتبر في البيع إلّا صدق «مبادلة مال بمال» والمفروض تحققه في عمل الحرّ بعد وقوع معاوضة عليه بإجارة أو صلح.
الثالث : أن تكون المنفعة عمل حرّ وأريد جعله ثمنا في البيع ابتداء من دون سبق معاوضة عليه ، وهذا هو مورد البحث فعلا ، كما إذا اشترى الحرّ الكسوب كتابا وجعل ثمنه