.................................................................................................
__________________
تمكنكم وقدر غناكم ، ويعبّر عن الغنى بالوجدان والجدة ، وعن الضالّة بالوجود ..» (١).
وفي بعض أخبار التيمم تفسير وجدان الماء بالتمكن منه ولو بالشراء مع عدم إصابته فعلا ، كرواية الحسين بن أبي طلحة عن العبد الصالح عليهالسلام : «قال : فان لم تجدوا بشراء وبغير شراء» (٢) فالقدرة على تحصيل الماء بالشراء وجدانه حقيقة.
والحاصل : أن هذا المبدأ يستعمل تارة في حضور الشيء فعلا والقدرة الفعلية على التصرف فيه ، واخرى في التمكن من تحصيله مع فقده فعلا. ويتوقف استظهار كلّ منهما على قرينة معيّنة.
وعليه فلا وجه لجعل نصوص الاستطاعة وزكاة الفطرة من باب واحد ، لفرض إجمال مادة الوجدان والوجود ، واحتمال إرادة اليسار والغنى الفعليين ، وإرادة القدرة على تحصيله. ومن المعلوم أنّ النصوص المشتملة على «لام» الملك كقوله عليهالسلام : «له ما يحج به» ظاهرة جدّا في إصابة المال والقدرة الفعلية على التصرف فيه ، وعدم كفاية التمكن من تحصيله ، فتكون قرينة على المراد من «الجدة» في الأخبار المشتملة عليها. ولذا قال السيد قدسسره في باب الاستطاعة : «إذا لم يكن عنده الزاد ، ولكن كان كسوبا يمكنه تحصيله بالكسب في الطريق لأكله وشربه وغيرهما من بعض حوائجه هل يجب عليه أو لا؟ الأقوى عدمه ، وإن كان أحوط» (٣).
وهذا بخلاف باب زكاة الفطرة ، إذ لم يرد فيها ما يصرف اللفظ عن ظهوره في التمكن من التحصيل ، ولذا أفتوا بعدم كون الكسوب مستحقا للزكاة لكونه ممّن يجد المال.
والحاصل : أن عمل الحرّ وإن كان مالا عرفا ، إلّا أنّه لا يوجب الاستطاعة ، من جهة اعتبار وجدان المال فعلا فيها ، إمّا بملك أو بإباحة كما في الحج البذلي.
وأما فرع ضمان حابس الحرّ ظلما لما فات من منافعه عنه في الحبس ، فتفصيله : أنّ في
__________________
(١) مفردات ألفاظ القرآن ، ص ٥١٣.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ٢ ، ص ٩٩٨ ، الباب ٢٦ من أبواب التيمم ، الحديث : ٢.
(٣) العروة الوثقى ، ج ٢ ، ص ٤٣٠ ، كتاب الحج ، الفصل ٢ (شرائط وجوب الحج) الشرط الثالث ، المسألة : ٥.