.................................................................................................
__________________
وقد فصّل المحقق الايرواني الكلام في مسألة زوال الملك بالإعراض في رسالة «جمان السلك» المطبوعة مع حاشية المكاسب ، فلاحظها.
ثالثها : أن المعاملات الموجبة لنقل الربط وتحويل السلطان من شخص الى آخر تنقسم إلى أقسام ، لكون اختلاف بعضها مع بعض تارة في مجرّد العبارة والألفاظ المنشئة بها ، مع اتّحاد الواقع والحقيقة ، واخرى بحسب المتعلّق ، وثالثة في كون بعضها لنقل ربط خاص ، وبعضها لنقل ربط آخر.
أمّا القسم الأوّل ـ وهو الاختلاف في مجرّد العبارة مع وحدتها جوهرا وحقيقة ـ فكالبيع والهبة والصلح ، فكل منها يقوم مقام الآخر ، إذ كان المؤدّى واحدا ، والاختلاف في مجرد التعبير ، فإذا أراد نقل كتابه إلى زيد بمبلغ كذا جاز له تأدية مقصوده بما يدلّ على كلّ واحد من هذه العقود ، لاشتراكها في نقل الملك بالعوض.
نعم تختلف في أنّ الهبة تدل على نقل الملك بالمطابقة ، سواء عبّر بها بلفظ التمليك أم الهبة ، والبيع والصلح يدلّان عليه بالكناية والالتزام. أمّا البيع فلأنّ حقيقته تبديل طرف الإضافة ، ولازم هذا التبديل الخاص نقل الملك. وأمّا الصلح فلأنّ حقيقته التسالم ، فمعنى قوله : «صالحتك عن هذا بكذا هو : أنّي مسالمك غير منازعك في هذا ، ولئن بسطت يدك لأخذ هذا ما أنا بباسط يدي إليك لأمنعك» وهذه العبارة إذا أتى بها في مقام التمليك أفادته بنحو أبلغ.
وعلى هذا فاختلاف ألفاظ العقود الثلاثة في تأدية نقل الملك بالعوض يكون بالصراحة والظهور ، نظير تأدية معنى واحد بعبارات متفاوتة ، كقولك : «زيد جواد ، ومهزول الفصيل ، وكثير الرماد» إذ المراد الجدّي هو الإخبار عن كرم زيد وسخائه ، وهو مدلول مطابقي للجملة الاولى ، وكنائي للأخيرتين.
ومقتضى اتحاد البيع وأخويه حقيقة اشتراكها في الآثار والشرائط ، لكن اختلاف التعبيرات المؤدّية إليها صار منشأ لاختلاف الآثار. ولا غرو في ذلك ، فإذا أنشأ إعطاء سلطانه