.................................................................................................
______________________________________________________
زيد : «قبلت» ولا ريب في صحة بيع الدين ممّن هو عليه ، مع عدم ترتب النقل من طرف البائع إلى المشتري ، لعدم إعطائه إياه شيئا ، وإنّما أسقط دينه المستقرّ على عهدة زيد ، وفرغت ذمّته عما اشتغلت به لعمرو.
وعليه فإذا كان أثر البيع في بعض الموارد إسقاط الدين كان كالصلح في إفادته النقل تارة والإسقاط أخرى. وهذا النقض كاشف عن بطلان عموم التعليل المتقدم في المتن من «أن البيع تمليك الغير» لما عرفت من صحة بيع الدين ، مع أنّ التمليك يكون بدينار من طرف المشتري فقط ـ وهو المديون ـ لا من الجانبين. هذا توضيح ما أفاده صاحب الجواهر في تصحيح جعل الحق القابل للإسقاط عوضا في البيع.
ونتيجة هذا البيان : أنّ القسم الثاني من الحقوق يجوز كونه ثمنا في البيع ، وليس البيع منوطا بالمبادلة الملكية من الطرفين ، بل يكفي تمليك أحدهما ، وإسقاط الآخر لحقّه ، بشهادة مشروعية بيع الدين ممن هو عليه ، مع انحصار أثره في السقوط وفراغ ذمة المديون.
وأما الثالث : وهو إشكال المصنف على صاحب الجواهر قدسسرهما فمحصله : أنّ النقض ببيع الدين ممّن هو عليه ممنوع ، للفرق بينه وبين وقوع الحق عوضا ، وبيانه : أنّ تحقق عنوان البيع في جميع الموارد منوط بالانتقال الملكي من الجانبين ، وهذا المعنى حاصل أيضا في بيع الدين من المديون ، وذلك لأن الدائن يملّك دينه للمديون ، ويتملك المديون لما في ذمة نفسه ، لكن لما لم يعتبر العقلاء مالكية الإنسان لما في ذمة نفسه دائما فلذا يتملك المديون دينه آنا ما ، ثم يسقط عما في ذمته. لا أنّ البيع يفيد سقوط الدين كما زعمه صاحب الجواهر. بل المديون يتملّك الدّين ثم يسقط عن عهدته.
وعليه فالتعليل المتقدم وهو «أن البيع تمليك الغير» كبرى تامة لم يرد عليها تخصيص ، لا ببيع الدين ولا بغيره. وهذا بخلاف الصلح على الحق الذي أثره سقوطه عمّن عليه الحق ، لعدم توقف الصلح على النقل والانتقال الملكي ، بل يكفي نفس الصلح في ترتب السقوط عليه.
وبعبارة أخرى : الذي يقتضيه البيع في جميع الموارد حدوث تمليك الغير لا بقاؤه ،