الثاني (١) : أن يدلّ دليل شرعي على حصول الملكية للمباح له بمجرّد
______________________________________________________
والإباحة في مقابل الإباحة ـ في قبال الوجهين الأوّلين ، فالمقصود بالأخيرين منحصر في الإباحة من دون قصد التمليك أصلا.
فتحصل : أنّ الوجه الأوّل ـ من إنشاء التوكيل أو إنشاء التمليك كناية ـ غير جار في المقام ، ولا يندفع به الإشكال.
(١) هذا هو الوجه الثاني لتصحيح بيع المباح له للمال الذي أبيح له ، ومحصله : قيام دليل شرعي على حصول الملك للمباح له ـ تعبّدا ـ بمجرد الإباحة ، لكن لمّا لم يكن المبيح قاصدا للتمليك ـ لقصده الإباحة المحضة ـ فلا بدّ من الالتزام بالملكية الآنيّة ، إمّا في حقّ المبيح ، أو المباح له. وعليه يمكن تقريب هذا الدليل الشرعي الدال على مالكية المباح له بأحد وجهين :
الأوّل : أن يكون المال باقيا على ملك المبيح إلى زمان إرادة التصرف المنوط بالملك كالبيع ، فيحكم بانتقال المباح إلى ملك المباح له ـ شرعا ـ في آن إرادة التصرف ، ونتيجته وقوع البيع في ملكه لا في ملك المبيح.
الثاني : أن يكون المال باقيا على ملك المبيح حتى في الآن الذي يريد المباح له بيعه ، فيكون البيع تصرّفا في ملك المبيح ، لعدم انتقاله إلى المباح له بعد ، فإذا باعه دلّ الدليل على انتقال الثمن الى ملك المبيح ـ تحقيقا لمفهوم المعاوضة من دخول العوض في ملك من خرج المعوّض عنه ـ آنا ما ، ثم ينتقل إلى المباح له. ومن المعلوم أنّ قيام الدليل التعبدي على هذه الملكية الآنية في المقام غير مستبعد ، لوجود نظيره في الشرع ، كما ذكروه في مسألة دخول العمودين آنا ما في ملك المشتري ، وانعتاقهما عليه قهرا.
واعلم أنّ الفارق بين هذا الوجه الثاني المبني على الملكية الآنيّة ـ بكلا تقريبية ـ وبين الوجه الأوّل المتقدم بقوله : «أحدهما أن يقصد المبيح بقوله .. إلخ» هو : أنّ الملكية في ذلك الوجه مقصودة إمّا بالتوكيل وإما بالإنشاء الكنائي. بخلافه في هذا الوجه الثاني ، إذ الملكية غير مقصودة أصلا ، وإنّما تحصل الملكيّة قهرا بجعل