لكن (١) استشكله في محكي جامع المقاصد «بأنّ البيع ثبت فيه حكم المعاطاة بالإجماع ، بخلاف ما هنا (٢)» (١).
ولعلّ (٣) وجه الإشكال عدم تأتّي المعاطاة بالإجماع في الرهن على النحو الّذي أجروها في البيع ،
______________________________________________________
(١) هذا إشكال على الإجماع الذي ربما يظهر من كلام العلّامة ، وهو في الحقيقة إنكار للإجماع على اتحاد حكم البيع والرهن ، ومحصّله : أنّ أصالة الفساد المحكّمة في المعاملات تقتضي فساد المعاملة المعاطاتية مطلقا ، سواء في البيع وغيره ، خرجنا عنه في خصوص البيع ، إمّا لإفادتها الإباحة كما عليه المشهور ، وإمّا الملك الجائز كما عليه المتأخرون. وأمّا الرهن فهو باق تحت عموم المنع ، فلا وجه للتسوية بينه وبين البيع ، هذا.
(٢) أي : في الرهن.
(٣) التعبير ب «لعلّ» من جهة تطرّق احتمالين في إشكال المحقق الثاني على العلامة قدسسرهما.
الأوّل : أنّ الأصل في مطلق المعاملات المعاطاتية هو الفساد ، إلّا مّا خرج بالدليل كالبيع.
الثاني : أنّ المعاطاة ليست على خلاف الأصل ، وإنّما لا تجري في عقد الرّهن لخصوصية فيه مانعة عن إنشائه بالفعل ، وذلك لأن المعاطاة إمّا تفيد الإباحة أو الملك الجائز. والأوّل غير متصور ، إذ ليس المطلوب في الرهن إباحة التصرف ، بل الاستيثاق للدين. والثاني ينافي حقيقة الرهن وهي الاستيثاق ، إذ الجواز ينافي الوثوق بعد وضوح كون الراهن سلطانا على فسخ عقد الرّهن.
ولا يبعد ظهور كلام المحقق الثاني في الاحتمال الأوّل ، ولذا حمله المصنف على الوجه الثاني احتمالا.
__________________
(١) : جامع المقاصد ، ج ٥ ، ص ٤٥