ثمّ إنّ الملزم للمعاطاة (١) فيما تجري فيه من العقود الأخر (*) هو الملزم في باب البيع كما سننبّه به بعد هذا الأمر (**).
______________________________________________________
(١) يعني : أنّ المعاطاة في البيع لمّا أفادت الإباحة المحضة أو الملك المتزلزل ، وكان لزومها متوقفا على طروء الملزم ـ من تلف أحد العوضين أو التصرف فيه ـ فلا محيص عن الالتزام بتوقف اللزوم على حصول الملزم لو تعدّينا عن معاطاة البيع ، وقلنا بجريانها في جملة من العقود المملّكة ، وغيرها ، لتوقف اللّزوم من أوّل الأمر على الإنشاء بالصيغ المعهودة ، والإنشاء الفعلي قاصر عن إفادته ، فلذا يناط اللزوم بحصول الملزم. هذا تمام الكلام في هذا التنبيه.
__________________
(*) ظاهر العبارة : أنّ المعاطاة في أي عقد تجري تكون جائزة وإن كان ذلك العقد بنفسه لازما. لكن سيأتي إن شاء الله تعالى في التعليقة خلافه.
مضافا إلى عدم تعقّل كون التلف ملزما للمعاطاة في بعض العقود كالرّهن ، لأنّ التلف مبطل للاستيثاق ، لا موجب للزومه ، كما لا يخفى.
(**) الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من العقود والإيقاعات ، وقبل بيانه ينبغي تقديم أمرين :
الأوّل : أنّ الأفعال تارة تدلّ على المعاني بلا حاجة إلى قرينة كالسجود ، فإنّه بذاته يدلّ على الخضوع. وأخرى تدلّ عليها بمعونة قرينة مقامية أو مقاليّة. وهذا هو الغالب ، فإذا دلّت على المعاني بالقرائن بحيث عدّت دلالتها من الظهورات العرفية كانت حجة عند العقلاء على حذو حجية ظهورات الألفاظ في معانيها.
الثاني : أنّ بناء العقلاء على إنشاء الأمور الاعتبارية بالأفعال المبرزة لها وإن كان إبرازها بالقرائن ، فكلّ فعل مبرز لمعناه الإنشائي يصح جعله آلة للإنشاء عند العقلاء ، إلّا إذا منعه الشارع واعتبر اللفظ المطلق أو الخاص في إنشائه.
إذا عرفت ما ذكرناه تعرف أنّه لا مانع من التمسك بأدلة العقود والإيقاعات لصحة