ولو كان (١) أحد العوضين دينا في ذمّة أحد المتعاطيين ، فعلى القول بالملك
______________________________________________________
الملزم الثاني : كون أحد العوضين دينا
(١) بعد أن فرغ المصنف قدسسره من بيان صور أوّل ملزمات المعاطاة وهو التلف ـ بناء على كلّ من الملك والإباحة ـ تعرّض لملزم آخر ملحق بتلف إحدى العينين ، وهو كون أحد العوضين دينا في ذمة أحد المتعاطيين.
وقبل توضيحه نقول : لا ريب ـ بمقتضى الإجماع ـ في صحة بيع الدين ممّن هو عليه حتى بناء على إناطة البيع بتمليك كل واحد منهما ماله للآخر على ما صرّح به المصنف في أوّل البيع بقوله : «لأن البيع تمليك الغير» يعني أنّه تمليك من الطرفين كما أوضحناه هناك ، مثلا لو كان زيد مديونا لعمرو منّا من الحنطة ، صحّ بيعها من زيد بدينار ، فيتملّك عمرو الدينار ، ويتملك زيد تلك الحنطة الذمية الكلية آنا ما ، ويترتب على هذا التملّك فراغ ذمّته عن ذلك الدّين ، وقد عبّر المصنف عنه هناك بقوله : «لا مانع من كونه تمليكا فيسقط».
أمّا أنّه يتملك المديون لما في ذمة نفسه آنا ما فلأجل رعاية ماهية البيع المنوطة بحصول المبادلة في الملكية. وأمّا أنّه يسقط الدين عن ذمة المديون بمجرّد البيع ، فلأنّ الملكية الاعتبارية تدور مدار مصحّح الاعتبار عرفا ، ومن المعلوم أنّ العرف لا يعتبر تملّك الإنسان لما في عهدته إلى الأبد ، فالجمع بين الأمرين المتقدمين يقتضي الالتزام بكفاية التملك حدوثا ، وسقوطه بقاء ، هذا ما أفاده هناك.
وعليه نقول في توضيح المتن : أنّه إذا كان زيد مديونا لعمرو دينارا ، ثم اشترى عمرو منه كتابا بذلك الدينار الذي يستحقّه في ذمة زيد ، انتقل الدينار إلى ملك زيد آنا ما ، ويترتب عليه فراغ ذمته عمّا اشتغلت به لعمرو. وتصير المعاطاة لازمة من أوّل تحققها ، لعدم بقاء العوضين على حالهما كما كانا حتى يتحقق التّرادّ الذي هو موضوع الجواز ، لأنّ الدينار الكلّي قد سقط عن ذمة زيد ، والسقوط وإن لم يكن تلفا