ثم إنّك (١) قد عرفت ممّا ذكرنا (٢) أنه ليس جواز الرّجوع في مسألة المعاطاة نظير (٣) الفسخ (٤) في العقود اللّازمة حتى يورث بالموت (٥) ويسقط بالإسقاط
______________________________________________________
(١) الظاهر أنّ الغرض من التنبيه على كون جواز الرجوع في المعاطاة حكما لا حقّا ـ كما سبق تفصيله في أوّل هذا الأمر السادس ـ هو التمهيد لبيان ملزم آخر من ملزمات المعاطاة ، وهو موت أحد المتعاطيين ، والدليل على ملزميته كون جواز التّراد حكما لاحقا ، ومن المعلوم أنّ الجواز الحكمي كالجواز في الهبة غير موروث ، وذلك لأنّ ما ينتقل الى الوارث هو «ما تركه الميت من ملك أو حقّ» بحيث لو لم ينتقل الى الوارث بقي بلا محلّ ، لوضوح قيام إضافة الملكية بطرفيها من المالك والمملوك ، كقيام إضافة الحقّيّة بمن له الحق ومن عليه الحق ، فلا بد من انتقال الملك والحق إلى الوارث حتى لا يلزم بقاء المملوك بلا مالك ولا بقاء الحق بلا ذي الحق.
وأمّا جواز المعاطاة والهبة شرعا فليس شيئا تركه الميّت حتى يورث ، بل هو حكم شرعي ثبت لعنوان المتعاطيين وللواهب. ولو فرض ثبوت هذا الجواز للوارث ـ كما كان للمورّث ـ فإنّما هو بدليل خاص ، لا لأدلة الإرث العامة.
ويتفرّع على كون جواز المعاطاة حكما ـ لا حقّا ـ لزومه بموت أحدهما سواء قلنا بالملك أم بالإباحة. أمّا على الملك فتنتقل نفس العين إلى الوارث ، لا حكمها وهو جواز التراد الثابت حين حياة المورّث ، فتنتهي الملكية الجائزة إلى اللازمة.
وأمّا على الإباحة فلقيام السيرة على عدم التراد بعد موت أحد المتعاطيين ، وهي تكشف عن لزوم الإباحة قبل الموت ، وانتقال كل من المالين إلى من بيده ، هذا.
(٢) بقوله : «ولم يثبت قبل التلف جواز المعاملة على نحو جواز البيع الخياري حتى يستصحب بعد التلف ، لأن ذلك الجواز من عوارض العقد لا العوضين ..».
(٣) خبر «ليس جواز».
(٤) يعني : الفسخ بالخيار في العقود اللّازمة ، الذي هو من قبيل الحق لا الحكم.
(٥) بمقتضى عموم «ما تركه الميت من مال أو حقّ فهو لوارثه».