وكذا (١) مع القدرة على التوكيل. لا لأصالة عدم وجوبه (٢) ـ كما قيل (٣) ـ
______________________________________________________
قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) توضيحه : أنّ الصادر من القادر على التلفظ قد يكون عهدا غير مؤكّد ، وقد يكون مؤكّدا وهو المسمّى بالعقد ، فللقادر على التكلم سنخان من العهد. وكذلك يتصور هذان السنخان بالنسبة إلى العاجز عن النطق كالأخرس ، فإنّ له أيضا سنخين من العهد بلحاظ قوّة الدلالة على العهد وضعفها ، فإنّ للإشارة منه ـ كاللفظ من غيره ـ دلالة قويّة على العهد.
ولا مجال لتوهم لزوم تحريك لسانه هنا كلزومه في باب القراءة. وذلك لأنّ المطلوب هناك هو القراءة ، وتحريك لسانه بما يناسبها هو المقدار المقدور عليه منها. بخلاف المقام ، فإنّ المطلوب فيه هو الدلالة على تأكّد العهد ، والإشارة من العاجز عن التكلم دالّة عليه ، فلا حاجة إلى تحريك اللسان.
هذا كله مضافا إلى : إطلاق ما دلّ على وجوب الوفاء بالعقود. والمتيقن من الخارج هو القادر على التلفظ مباشرة ، فإنّه يجب عليه الإنشاء اللفظي. وأمّا إذا كان عاجزا عن التكلم مباشرة ـ وإن كان قادرا عليه تسبيبا بالتوكيل ـ فلا يشمله الإجماع ، فمقتضى الإطلاق الإكتفاء بالإشارة ، وعدم توقف صحته على التوكيل.
(١) معطوف على «فمع عدم القدرة على التوكيل».
(٢) ولا لقوله عليهالسلام : «كلّما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر» لقصوره عن نفي وجوب التوكيل.
(٣) لعلّ القائل المحقق الثاني قدسسره فإنّه قال : «يجوز لمن لا يعلم الإيقاع بمقدوره ، ولا يجب التوكيل للأصل. نعم يجب التعلم إن أمكن من غير مشقة عرفا» (١) فاستند قدسسره في نفي وجوب التوكيل إلى أصالة عدم وجوبه.
__________________
(١) : جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٦٠