.................................................................................................
__________________
وعلى هذا فتجري البراءة في الحكم الوضعي مطلقا سواء أكان متأصّلا في الجعل كالملكية والزوجية ونحوهما ، أم منتزعا عن حكم تكليفي كالجزئية التي تنتزع عن الأمر المتعلّق بعدّة أمور بنحو الارتباطيّة بأن كانت تلك الأمور مؤثّرة في ملاك واحد. أو عن دخل شيء في موضوع الحكم كدخل الاستطاعة في موضوع وجوب الحج ، فإذا شككنا في دخل الرجوع إلى الكفاية في وجوبه أيضا ، فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن الدخل ، فنفي شرطية الرجوع إلى الكفاية يمكن بالبراءة ، لأجل كون منشأ انتزاعها دخل الشارع ذلك في وجوب الحج. كما يمكن بإطلاق الدليل لو كان لفظيّا أو مقاميّا.
ولو لم يكن هذا الدخل شرعيّا لما جاز التمسك لنفيه بالإطلاق ، إذ لا فرق بين الدليل والأصل في كون موردهما ممّا يقبل التشريع. فشرطيّة مثل الرجوع إلى الكفاية لوجوب الحج منتزعة عن دخل الشارع له في موضوع وجوبه.
لكن الحق عدم جريان البراءة في دخل الرجوع إلى الكفاية في وجوب الحج ، لفقدان الامتنان الذي هو شرط لجريان البراءة ، لا لعدم المجعولية.
ومن هنا يظهر غموض ما في تقرير سيدنا المحقق الخويي قدسسره من «انقسام الأحكام الوضعية إلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن يكون متأصّلا في الجعل كالملكية والزوجية والرقية ونحوها.
الثاني : أن يكون الحكم الوضعي راجعا الى الحكم نفسه كالسببيّة والشرطيّة والمانعية للوجوب مثلا ، فالسببية والشرطية والمانعية منتزعة عن جعل الحكم ولحاظه مقيّدا بقيد وجودي أو عدمي.
الثالث : أن يرجع الحكم الوضعي إلى متعلق التكليف كالجزئية والشرطية والمانعية للمأمور به ، فإنّها منتزعة من كيفية الأمر المتعلق بأشياء عديدة ، فإنّه ينتزع الجزئية لكل واحد من تلك الأشياء ، كما ينتزع الشرطية من الأمر المتعلق بشيء مقيّدا بوجود شيء آخر كالاستقبال والستر ، والمانعيّة من الأمر بشيء مقيّدا بعدم شيء آخر ، كتقيّد الصلاة بعدم استصحاب المصلّي أجزاء ما لا يؤكل لحمه.