.................................................................................................
__________________
وعتاقه يدلّ على جريان البراءة في الوضعيّات.
وكيف كان ففي جريان أصالة العدم في الشرطية ونحوها غنى وكفاية ، وبها يثبت عدم كون المشكوك فيه من أجزاء السبب المؤثّر أو من شرائطه ، ومع هذا الأصل لا يجري أصالة الفساد أي عدم النقل والانتقال ، وإن كانت أصلا تنزيليا حاكما على البراءة التي هي أصل غير تنزيلي. وذلك لأنّ أصل البراءة هنا يكون في مرتبة السبب ، واستصحاب عدم الانتقال في مرتبة المسبّب ، وحديث حكومة الاستصحاب على البراءة إنّما يكون في صورة اتحادهما رتبة.
فتلخص من جميع ما ذكرنا : أنّه لا مانع من جريان البراءة أو أصالة العدم في الشرطية ، وإثبات عدم كون المشكوك فيه جزءا من السبب المؤثر ، نظير جريان البراءة عن الجزئية والشرطية والمانعية في متعلق التكليف كالصلاة ، إذ المتيقن هو الأقل الجامع بين الأقل والأكثر.
ودعوى الفرق ـ كما في تقرير سيدنا الخويي تبعا لشيخ مشايخنا المحقق النائيني قدسسرهما ـ بين متعلّق التكليف كالصلاة إذا شكّ في شرطية أو جزئية أو مانعية شيء لها ، وبين الأسباب كالشكّ في شرطية شيء كالماضوية للعقد «بجريان البراءة في الأوّل لكونه شكّا في تعلق الأمر بالمقيّد به ، فيدفع بأصالة البراءة ، وأمّا الأقل أعني به الطبيعي الجامع بين المطلق والمقيد فهو مأمور به قطعا. وعدم جريانها في الأسباب كالشك في شرطية شيء لصحة عقد أو إيقاع ، لانعكاس الأمر فيها ، حيث إنّ ترتب الأثر كالملكية أو براءة الذمة على العقد أو الإيقاع الواجد لذلك الشرط معلوم ، وترتّبه على الفاقد مجهول ، فيدفع بالأصل. وهذا هو الفارق بين الشك في شرطية شيء للمأمور به ، وبين الشك في شرطيّته للعقد أو الإيقاع» (١) خالية عن البيّنة ، إذ مناط البراءة وهو الشك في الحكم الشرعي موجود في كلّ من متعلّقات التكاليف والأسباب.
وأمّا دعوى : «العلم بترتب الأثر في العقد والإيقاع على الواجد لمشكوك الشرطية
__________________
(١) : مصباح الفقاهة ، ج ٣ ، ص ١٠ و١١