أكثرها بالألفاظ غير الموضوعة لذلك العقد جمع المحقق الثاني ـ على ما حكي عنه في باب السّلم والنكاح ـ بين كلماتهم بحمل المجازات الممنوعة على المجازات البعيدة (١) ، وهو جمع حسن.
والأحسن منه (١) أن يراد باعتبار الحقائق في العقود اعتبار الدلالة اللفظية الوضعية سواء كان اللفظ الدّال على إنشاء العقد موضوعا له بنفسه أو مستعملا فيه مجازا بقرينة لفظ موضوع آخر (٢) ليرجع الإفادة بالأخرة إلى
______________________________________________________
(١) لعلّ وجه الأحسنيّة هو الأشملية ، توضيحه : أنّ لهم في عدم كفاية الألفاظ المجازية في العقود عبارتين : إحداهما : أنّه لا يجوز التعبير بالألفاظ المجازية. والأخرى : أنّه يعتبر كون ألفاظ العقود اللازمة من قبيل الحقيقة ، كما أشار إليها بقوله : «أن يراد باعتبار الحقائق».
والجمع الذي ذكره المحقق الثاني لا ينطبق على العبارة الثانية ، إلّا بأن يراد بالحقيقة ما هو أعمّ منها ومن المجاز القريب ، وهو تكلّف بعيد.
بخلاف ما ذكره المصنف قدسسره من وجه الجمع ، فإنّ مقتضاه التوسعة في اعتبار الحقيقة ، بمعنى كون الدلالة مستندة إلى الحقيقة ، سواء أكانت هي المفيدة لمضمون العقد ابتداء ، بأن يقع الإنشاء به ، كأن يقول : «بعتك هذا المتاع بكذا» أم كانت ممّا يستند إليه دلالة اللفظ الذي وقع به الإنشاء ، كقوله : «نقلت إليك هذا المتاع بالبيع» فإنّ نفس اللفظ الذي ينشأ به البيع ـ وهو لفظ «نقلت» ـ ليس موضوعا لمعنى البيع ، لكنّ دلالته على البيع يكون بسبب الوضع ، حيث إنّ قرينته ـ وهي قوله : «بالبيع» ـ تدلّ بالوضع على معنى البيع ، فيصدق على الصيغة : أنّها تدلّ بالوضع على معنى البيع.
(٢) كما في دلالة «تصدّقت» على الوقف بقرينة دلالة لفظ موضوع مثل «لا تباع ولا توهب ولا تورث» وكدلالة «متّعت» على النكاح المؤبّد بقرينة كلمة «الدائم» الموضوعة للدوام.
__________________
(١) : جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٢٠٧ و٢٠٨ ، ج ١٢ ، ص ٧٠ ، والحاكي عنه هو السيد العاملي في مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ١٤٩