.................................................................................................
__________________
البحث الثالث : في إنشاء العقود بالمجازات. وعن شيخ مشايخنا المحقق النائيني على ما قرّره عنه شيخنا الفقيه الخوانساري قدسسرهما التفصيل بين المجاز المشهور وعدمه.
ومحصّل ما أفاده عبارة عن مقدمة وأمرين.
أمّا المقدمة فهي : أنّ البيع وغيره من عناوين العقود والإيقاعات عنوان بسيط غير مركّب من الجنس والفصل ، فيمتنع إيجاده تدريجا ، فالتمليك البيعي والقرضي ونحوهما من الهبة والإجارة ليس جنسا ، والبيعيّة والقرضية ونحوهما فصلا ، فالتمليك في الجميع واحد ، والاختلاف بينها كالاختلاف بين أفراد البيع ، يعني : أنّ الاختلاف بين التمليك البيعي وغيره يكون من قبيل اختلاف أفراد البيع في الخصوصيات والمشخّصات الفردية.
وأمّا الأمران اللذان رتّبهما على هذه المقدمة وجعلهما نتيجة لها
فأحدهما : أنّ المجاز غير المشهور لمّا احتاج إلى قرينة صارفة فلا يمكن إنشاء العقد به ، للزوم التناقض بين معناه الحقيقي المدلول عليه بالدلالة التصورية ، وبين معناه المجازي المدلول عليه بالدلالة التصديقية ، فإذا قال في مقام إنشاء الإجارة : «بعتك منفعة الدّكان الفلاني بكذا في مدّة كذا» لا يقع إجارة ، لأنّ قوله : «بعتك» يدلّ على تمليك العين ، وقوله : «منفعة الدكان» يدلّ على تمليك المنفعة لا العين ، وهما متناقضان ، ولذا قال المشهور بعدم إفادة قوله : «بعتك بلا ثمن ، وآجرتك بلا أجرة» للهبة الصحيحة والعارية مع الاحتفاف بالقرينة الصارفة ، وليس ذلك إلّا لأجل التناقض المزبور.
وثانيهما : عدم جواز إنشاء العقود ببعض المشتركات اللفظيّة والمعنوية ، للزوم إيجاد البسيط بالتدريج ، هذا (١).
وأنت خبير بما فيه.
أمّا في المقدمة فلما فيها من عدم البساطة ، وأن البيع مركّب من جنس اعتباري وهو التمليك وفصل اعتباري وهو كونه مع العوض ، فاختلاف البيع مع القرض والهبة
__________________
(١) : منية الطالب ، ج ١ ، ص ١٠٦