فرع : لو أوقعا العقد بالألفاظ المشتركة بين الإيجاب والقبول (١) ، ثم اختلفا في تعيين الموجب والقابل ، إمّا (٢) بناء على جواز تقديم القبول ، وإمّا من جهة اختلافهما في المتقدم ، فلا يبعد الحكم بالتحالف (٣) ، ثم عدم ترتب الآثار المختصة.
______________________________________________________
(١) كلفظ «بعت» فإنّه بناء على ما عن ابن سعيد قدسسره يجوز إنشاء قبول البيع به. ويؤيّده ـ بل يدلّ عليه ـ ما تقدّم من كونه من الأضداد ، فيستعمل لفظ «بعت» في كلّ من البيع والشراء. وكلفظ «شريت» المستعمل في كليهما.
(٢) غرضه بيان منشأ الاختلاف ، وهو أحد أمرين :
الأوّل : عدم لزوم تقديم الإيجاب ، فيختلف المتعاقدان ، ويدّعي البادي بالإنشاء بقوله : «شريت» أنّه أراد القبول ، لعدم لزوم تقديم الإيجاب عليه ، ويدّعي غيره أنّك أردت الإيجاب ، أو بالعكس.
الثاني : أنّه يجب تقديم الإيجاب على القبول ، غاية الأمر أنّهما يتنازعان في المتقدم ، وأن البادي بالإنشاء هل هو هذا أم ذاك؟
ثم إنّ هذا النزاع لا يختص بما إذا وقع العقد بالألفاظ المشتركة ، بل يعمّ ما إذا وقع بالألفاظ المختصة ، بأن يختلفا في أنّ المتلفّظ بصيغة الإيجاب هذا أو صاحبه؟ فلا يترتب هذا النزاع على إيقاع العقد بخصوص الألفاظ المشتركة بين الإيجاب والقبول.
(٣) لأنّ كلّا منهما مدّع ومنكر ، حيث إنّه يدّعي كلّ منهما أنّه مشتري الحيوان ، وينكره الآخر.
وتوضيح ما أفاده : أنّ الأثر يترتّب تارة على كلّ من الدعويين ، كما إذا كان العوضان حيوانين كفرس وغنم ، وادّعى كلّ منهما أنّه مشتر ليثبت له خيار الحيوان بناء على اختصاصه بالمشتري ، فيدّعي صاحب الفرس أنّه اشترى الغنم بالفرس ، فهو مشتر ، والغنم مبيع ، ويثبت له الخيار. ويدّعي صاحب الغنم أنّه اشترى الفرس بالغنم ، فالمبيع هو الفرس ، ويكون له خيار الحيوان.
والحكم حينئذ التحالف ، لأنّ كلّا منهما مدّع للشراء ومنكر للبيع ، فكلّ منهما مدّع ومنكر ، وفي مثله يجري التحالف.