ولعلّه (١) لصراحته (٢) في الإنشاء ، إذ المستقبل أشبه (٣) بالوعد ، والأمر استدعاء (٤) لا إيجاب. مع (٥) أنّ قصد الإنشاء في المستقبل خلاف المتعارف.
______________________________________________________
(١) أي : ولعلّ اشتراط الماضوية لأجل صراحة الماضي في الإنشاء ، كما ورد في كلام جمع منهم المحقق والشهيد الثانيان ، وأوضحه في المسالك بقوله : «إنّما اعتبر في العقد لفظ الماضي ، لأنّ الغرض منه الإنشاء ، وهو صريح فيه ، لاحتمال الوعد بالمستقبل ، وعدم اقتضاء الأمر إنشاء البيع من جانب الآمر ، وإنّما أنشأ طلبه. وأمّا الماضي فإنّه وإن احتمل الإخبار ، إلّا أنّه أقرب إلى الإنشاء ، حيث دلّ على وقوع مدلوله في الماضي ، فإذا لم يكن ذلك هو المقصود كان وقوعه الآن حاصلا في ضمن ذلك الخبر. والغرض من العقود ليس هو الإخبار. وإنّما هذه الصيغة منقولة شرعا من الإخبار إلى الإنشاء ، والماضي ألصق بمعناه» (١).
(٢) ليس المراد بالصراحة الوضع اللغوي ، ضرورة عدم وضع صيغة الماضي لذلك ، بل المراد بها الصراحة في الإنشاء ، ومنشؤها النقل الشرعي من الحكاية إلى الإيجاد ، كما تقدم في عبارة المسالك.
وقال الشهيد قدسسره : «والمأخذ في صراحة هذه ـ أي صيغ العقود والإيقاعات ـ مجيئها في خطاب الشارع لذلك ، وشيوعها بين حملة الفقه» (٢).
(٣) فلا يكون ظاهرا في الإنشاء حتّى يقع به.
(٤) يعني : أنّ الأمر استدعاء وطلب لإيجاب البيع ، لا إيجاب له.
(٥) هذا هو الدليل الثالث على اعتبار الماضوية ، وهو مؤلف من مقدمتين :
الأولى : أنّ المتعارف من العقود ـ بحسب الوجود الخارجي ـ هو ما ينشأ بلفظ الماضي ، لا المضارع ولا الأمر ، ولا الجملة الاسمية.
الثانية : أنّ دليل الإمضاء ـ كوجوب الوفاء بالعقود ـ منزّل على العقود
__________________
(١) : مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٥٣
(٢) القواعد والفوائد ، ج ١ ، ص ١٥٣ ، رقم القاعدة : ٤٠ ، ولاحظ أيضا ص ٢٥٣