وقد عرفت أنّ القبول على وجه طلب البيع قد صرّح في المبسوط بصحته (١) ، بل يظهر منه عدم الخلاف فيه بيننا (٢) ، وحكي عن الكامل أيضا ، فتأمّل (٣).
وإن كان (٤) التقديم بلفظ : «اشتريت أو ابتعت أو تملّكت أو ملكت هذا بكذا» فالأقوى جوازه ، لأنّه إنشاء ملكيته للمبيع بإزاء ماله عوضا ، ففي الحقيقة
______________________________________________________
(١) يعني : فيفيد الملك ، ولا إجماع على عدم لزومه ، فالأصل يقتضي لزومه.
(٢) حيث قال في عبارته المنقولة في المتن : «صحّ عندنا».
(٣) لعلّه إشارة إلى ما تقدم من موهونيّة دعوى الشيخ لنفي الخلاف بمصير الأكثر إلى خلافه حتّى هو قدسسره في بيع المبسوط.
(٤) معطوف على ما تقدم في (ص ٤٣٩) من قوله : «فان كان بلفظ قبلت» وغرضه قدسسره الاستدلال على جواز تقديم ثالث أقسام ألفاظ القبول على الإيجاب. وتوضيح ما أفاده : أنّه لا يعتبر في صدق العقد والمعاوضة عرفا المطاوعة لإنشاء الغير ، ضرورة أنّ العقد متقوم بالتزامين مرتبطين مبرزين ، ومن المعلوم حصول إبرازهما بلفظ «ملكت» قبولا و «بعت» إيجابا ، لأنّ معنى «ملكت» و «اشتريت» إنشاء ملكية المبيع بإزاء ماله عوضا ، فالمشتري ينشئ المعاوضة حقيقة كالبائع ، غاية الأمر أن البائع ينشئ ملكية ماله لصاحبه بإزاء مال صاحبه ، والمشتري ينشئ تملّك مال صاحبه لنفسه بإزاء ماله ، فكل منهما يخرج ماله إلى ملك صاحبه ، ويدخل مال صاحبه في ملك نفسه.
إلّا أنّ بين الإدخالين فرقا ، فالإدخال في الإيجاب مفهوم من ذكر العوض ، لأنّ دخول الثمن في ملك البائع يفهم من قول البائع : «بكذا» بعد قوله : «بعت» حيث إنّ «بعت» يدلّ على خروج المال عن ملك البائع ، وذكر العوض يدلّ على دخول الثمن في ملكه بإزاء المبيع. والإدخال في القبول يفهم من نفس لفظ «ملكت» فإنّ معناه تملّك المبيع بإزاء الثمن ، فالمشتري ينشئ بمثل «ملكت ، تملّكت ، اشتريت» دخول مال البائع