أطلق (١) عليه القبول (٢). وهذا المعنى (٣) مفقود في الإيجاب المتأخر ، لأنّ المشتري إنّما ينقل ماله إلى البائع بالالتزام الحاصل من جعل ماله عوضا ، والبائع إنّما ينشئ انتقال الثمن إليه كذلك ، لا بمدلول الصيغة.
وقد صرّح (٤) في النهاية والمسالك ـ على ما حكي ـ «بأنّ اشتريت ليس قبولا حقيقة (٥) وإنّما هو بدل ، وأنّ الأصل (٦) في القبول قبلت ، لأن القبول في الحقيقة ما لا يمكن الابتداء به ، ولفظ اشتريت يجوز الابتداء به» (١).
______________________________________________________
(١) جواب «لمّا كان» وضميرا «وقوعه ، عليه» راجعان إلى الاشتراء.
(٢) فإطلاق القبول ودلالته على المطاوعة إنّما تكون بقرينة المقام ، وهو وقوعه عقيب الإيجاب غالبا. ولا يرد عليه ما في بعض الحواشي من : أنّه إذا لم يدلّ بنفسه على المطاوعة فكيف يدلّ عليها إذا وقع عقيب الإيجاب؟
(٣) يعني : تحقق المطاوعة ومفهوم القبول بسبب التأخّر مفقود في الإيجاب المتأخّر ، لفقد ما يوجبه وهو إنشاء البائع انتقال الثمن إلى نفسه بالمدلول المطابقي للصيغة ، لأنّ الانتقال يكون بالمدلول الالتزامي. كما أنّ نقل المشتري إيّاه إلى البائع ـ وإن تقدّم ـ إنّما هو بالدلالة الالتزاميّة لا المطابقية.
(٤) غرضه من الاستشهاد بكلام النهاية والمسالك هو : أنّ «اشتريت» ليس من ألفاظ القبول بالأصالة ، إذ القبول يعتبر فيه الرّضا بإيجاب الغير ومطاوعته له ، لكونه مبنيّا عليه ، وحيث إنّ «اشتريت» لا يدلّ على هذه الخصوصية لم يكن أصلا في القبول ، بل بدلا عن «قبلت» و «رضيت».
(٥) لعدم كون دلالته على القبول بالمطابقة ، بل لقرينة مقاميّة ، وهي وقوعه عقيب الإيجاب.
(٦) بمعنى كون ما يدلّ على الإنشاء الذي لا يجوز الابتداء به ـ لتفرّعه على إنشاء آخر ـ هو لفظ القبول ، لأنّه وضع للإنشاء المسبوق بإنشاء آخر ، بخلاف لفظ
__________________
(١) : نهاية الأحكام ، ج ٢ ، ص ٤٤٨ ، مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٥٤.