ثم (١) إنّ مغايرة الالتزام في قبول البيع لالتزام إيجابه اعتبار عرفيّ ، فكلّ من التزم بنقل ماله على وجه العوضية لمال آخر يسمّى مشتريا ، وكلّ من نقل ماله على أن يكون عوضه مالا من آخر يسمّى بائعا.
وبعبارة أخرى : كلّ من ملّك ماله غيره بعوض فهو البائع ، وكلّ من ملك (٢) مال غيره بعوض ماله فهو المشتري ، وإلّا (٣) فكلّ منهما في الحقيقية يملّك ماله غيره بإزاء مال غيره ، ويملك مال غيره بإزاء ماله.
______________________________________________________
(١) غرضه قدسسره من هذه العبارة إلى آخر البحث ـ بعد تقسيم العقود بلحاظ جواز تقديم القبول على الإيجاب ـ هو تمييز البائع عن المشتري حتى يظهر أنّ قبول البيع إن كان بلفظ «قبلت» لم يصح تقديمه ، وإن كان بلفظ «اشتريت» جاز تقديمه. وهذا المطلب قد سبق بيانه في موضعين ، أحدهما : في ثالث تنبيهات المعاطاة ، والآخر في هذا المبحث في جواز تقديم «اشتريت» على الإيجاب ، حيث قال : «لأنّه ـ أي القبول ـ إنشاء ملكيّته للمبيع بإزاء ماله عوضا ، ففي الحقيقة إنشاء المعاوضة كالبائع ، إلّا أنّ البائع ينشئ ملكية ماله لصاحبه بإزاء مال صاحبه ، والمشتري ينشئ ملكية مال صاحبه لنفسه بإزاء ماله .. إلخ».
وعلى هذا فحاصل ما أفاده هنا هو : أنّ الالتزام بالنقل والتمليك متحقق في كلّ من الإيجاب والقبول ، فلا فرق بحسب الدّقة بينهما ، ولكن الفارق بينهما في مقام الإثبات موكول الى العرف ، فمن التزم بنقل ماله إلى الغير على أن يكون عوضا عمّا ملّكه الغير سمّي مشتريا ، ومن التزم بنقل ماله على أن يكون عوضه مال الآخر سمّي بائعا.
(٢) أي : تملّك مال الغير بعوض مال نفسه.
(٣) أي : مع الغضّ عن الاعتبار العرفي يصدق عنوان «البائع والمشتري» على كلّ واحد منهما ، لأنّ البيع «مبادلة مال بمال» والشراء هو «ترك شيء وأخذ آخر» ومن المعلوم انطباق التعريفين على كلا المتبايعين.