.................................................................................................
__________________
بالمأكول والمشروب ـ ففيه : أنّه إن أريد من وجود الإيجاب قبل القبول حتّى يرد عليه القبول وجوده الإنشائي الخارجي فهو مصادرة ، لأنّه عين محل النزاع.
وإن أريد منه مطلق وجوده ـ ولو كان ذهنيا ـ فهو ممّا لا إشكال فيه ، لكنه لا يثبت المقصود ، وهو عدم جواز تقديم القبول على الإيجاب الإنشائي الخارجي.
وبعبارة أخرى : الأفعال من حيث الاحتياج إلى وجود المتعلق ـ المعبّر عنه بالمفعول به تارة ، وبالموضوع أخرى ، وبمتعلّق المتعلّق ثالثة ـ تكون على أقسام.
أحدها : احتياجها إلى خصوص الوجود الخارجي كالأكل والشرب.
ثانيها : احتياجها إلى خصوص الوجود الذهني كالطلب ، إذ لو تعلّق بالوجود الخارجي لزم طلب الحاصل المحال.
ثالثها : احتياجها إلى مطلق الوجود كالقبول ، فإنّه يتعلّق بالإيجاب الموجود خارجا أو ذهنا ، كالرّضا المتعلّق بإيجاب يوجد في المستقبل ، فليتأمّل.
وإن كان فرعية الانفعال للفعل ففيه : أنّ ترتب الانفعال على الفعل وتأخره عنه إنّما هو في الفعل والانفعال الحقيقيّين كالكسر والانكسار ، دون الفعل والانفعال الإنشائيّين ، لصحة الانفعال الإنشائي وإن لم يكن هناك فعل ، لا واقعا ولا إنشاء ، حيث إنّ الانفعال الإنشائي ليس إلّا إنشاء لمفهومه ، واستعمال اللفظ فيه بقصد تحققه. فالقبول والمطاوعة الإنشائيّان لا يتوقّفان على وجود الإيجاب لا خارجا ولا إنشاء ، وإنّما يتوقفان بوجودهما الواقعي على وجود الإيجاب.
والحاصل : أنّ للقبول والمطاوعة أنحاء من الوجود الذهني والخارجي والإنشائي ، ومحلّ البحث هنا هو وجودهما الإنشائي الذي لا يتوقف على وجود الإيجاب قبله ، فيصح إنشاء القبول والمطاوعة قبل الإيجاب.
ثم إنّه على فرض التنزّل ـ والالتزام بتوقف وجودهما الإنشائي أيضا على وجود الإيجاب ـ يمكن القول بجواز تقديم القبول على الإيجاب أيضا. بيانه : أنّ عدم الجواز