أقول : حاصله (١) أنّ الأمر المتدرّج شيئا فشيئا إذا كان له صورة اتصالية في العرف ، فلا بدّ في ترتب الحكم المعلّق عليه في الشرع من اعتبار صورته الاتّصالية. فالعقد المركّب من الإيجاب والقبول ـ القائم بنفس المتعاقدين ـ بمنزلة (٢) كلام واحد مرتبط بعضه ببعض ، فيقدح تخلّل الفصل المخلّ بهيئته (٣) الاتصالية. ولذا (٤) لا يصدق المعاقدة إذا كان الفصل مفرطا في الطول كسنة أو أزيد.
وانضباط ذلك (٥) إنما يكون بالعرف ، فهو في كل أمر بحسبه ، فيجوز الفصل بين كلّ من الإيجاب والقبول بما لا يجوز بين كلمات كلّ واحد منهما ، ويجوز بين الكلمات بما لا يجوز بين الحروف ، كما في الأذان والقراءة.
وما ذكره (٦) حسن لو كان حكم الملك واللزوم في المعاملة منوطا بصدق
______________________________________________________
(١) قد تقدّم في (ص ٥٠١) تقريب هذا الحاصل ، فراجع.
(٢) خبر قوله : «فالعقد المركب» وقوله : «القائم» صفة للعقد.
(٣) متعلّق ب «يقدح» والضمير راجع إلى العقد.
(٤) أي : ولأجل قدح تخلّل الفصل المزبور لا يصدق المعاقدة إذا كان الفصل مفرطا في الطول كسنة أو أزيد.
(٥) يعني : وضبط الفصل المفرط ـ المخلّ بالهيئة الاتصالية ـ موكول إلى العرف ، ولا حدّ معيّن له ، فتختلف مراتب الفصل بحسب قصر الزمان وطوله ، فالفصل بالسعال والعطاس بين حروف كلمة واحدة وبين مثل المضاف والمضاف إليه قادح في صدق الكلمة وشبهها. والفصل بين المبتدأ والخبر بالعطاس مثلا ربما لا يكون مخلّا بالهيئة التركيبية. والسكوت دقيقة أو أكثر ربما يكون ماحيا لصورة قراءة السورة مثلا ، وهكذا.
(٦) أورد المصنف على كلام الشهيد قدسسرهما بوجوه ثلاثة :
أوّلها : يتعلق بما أفاده من اعتبار الموالاة بين الإيجاب والقبول ، من جهة توقف صدق العقد على التوالي بينهما.