.................................................................................................
__________________
والإيجاب بعد فصل طويل «زوّجتكها».
وما في تقريرات المحقق النائيني قدسسره من توجيه الاتصال والموالاة في الهدايا المرسلة من الأمكنة البعيدة بقوله : «ولكن الحق اعتبار الاتصال فيها أيضا. وإرسال الهدايا من البلاد البعيدة لا يدل على جواز الانفصال ، فإنّ تحقق الأفعال مختلف ، فمنها ما لا يحتاج إلى زمان ممتدّ ، كما لو وقعت في حضور المتعاطيين. ومنها ما يحتاج إليه كالهدايا المرسلة من الأماكن البعيدة ، فإنّ الفعل لا يتحقق إلّا بوصولها إلى يد المهدي إليه.
وجميع هذه الأفعال الصادرة من الواسطة كأنّها صادرة من الموجب ، فهو بمنزلة من كان في المشرق ، وكانت يده طويلة تصل إلى المغرب ، فمدّ يده وأعطى شيئا لمن كان في المغرب ، فإنّ فعله يتم في زمان وصول يده إلى المغرب ، فتأمّل جيّدا» (١).
لا يخلو من غموض ، للفرق الواضح بين ما نحن فيه وبين المثال المزبور ، وذلك لأنّ المهدي من المكان البعيد ربما يغفل عن هديّته حين وصولها إلى المهدي إليه ، فلا يمكن تنزيل فعل الرسول منزلة فعل المرسل. وهذا بخلاف المثال ، فإنّ المهدي في ذلك هو المرسل الذي يكون بنفسه متصديا لإنشاء العقد من دون فصل بين إيجابه وقبوله ، لعدم كون طول اليد مخرجا للفعل الواحد عن وحدته كما لا يخفى.
ويدل أيضا على عدم اعتبار الموالاة قيام السيرة بين التجار المتدينين على المعاملة بالكتابة والبرقية مع تخلّل فصل طويل بين إيجابها وقبولها ، مع عدم مناقشة أحد في صحتها.
فالمتحصل : أنّ العقد ـ بناء على كونه المسبّب ـ لا معنى لاعتبار الموالاة فيه. وبناء على كونه السبب وهو الإيجاب والقبول ـ كما هو ظاهر الشهيدين قدسسرهما ـ يتصور فيه التوالي ، لكن لا دليل على اعتبار أزيد من الموالاة الرابطة للجواب بالسؤال ، فقياس العقد
__________________
(١) : منية الطالب ، ج ١ ، ص ١١٢