.................................................................................................
__________________
حيث اعتبار الإعطاء الواحد شرعا في إنشاء البيع حتى ينفى اعتباره بإطلاق الأدلّة. ولا ريب في أنّ الإعطاء الواحد سبب عرفي لإنشاء البيع ، فتشمله أدلة البيع ، وإلّا لانسدّ باب البيع نسيئة والسّلم ، فهما من أقوى شواهد صحة إنشاء البيع بإعطاء واحد ، فدليل صحة البيع ـ سواء أكان لفظيا أم لبيا ـ يشمل البيع المنشأ بإعطاء واحد.
ولا فرق فيما ذكرناه من صحة إنشاء البيع بالإعطائين والإعطاء الواحد بين إفادة المعاطاة الملك كما هو مقصود المتعاملين ، وبين إفادتها الإباحة تعبّدا كما عن مشهور القدماء ، لأنّ السيرة جارية على كل منهما ، ضرورة أنّ المعاملات الجارية بين العرف تارة تكون بإعطائين ، وأخرى بإعطاء واحد.
وأمّا مع قصد المالكين للإباحة فالأمر أوضح ، لأنّ الإباحة حينئذ مالكية ، فتشمله قاعدة سلطنة المالكين على أموالهم ، كما استدل بها صاحب الجواهر قدسسره ، فلا فرق في حصول الإباحة المالكية بين صدور إعطائين وإعطاء واحد ، وبين عدم صدور فعل منهما أصلا ، لكفاية مجرّد الإذن في التصرف سواء حصل بقول ، أم فعل ، أم إشارة ، أم غيرها.
وأمّا الصورة الثالثة ـ وهي عدم حصول إعطاء لا من كليهما ولا من أحدهما بل مجرّد إيصال ووصول ـ فملخص الكلام فيها : أنّ المحقق الإيرواني قدسسره منع عن كون الأمثلة المزبورة من المعاطاة المجردة عن الفعل ، بل جعلها من المعاطاة المتحققة بالتعاطي من الجانبين ، حيث قال ما لفظه : «التعاطي من الجانبين في الأمثلة التي ذكرها موجود ، فوضع الماء في موضع معدّ لأن يؤخذ إعطاء من السّقاء للماء ، وهكذا فتح باب الحمام للداخلين ، ووضع الفلس من شارب الماء والداخل في الحمّام في موضع أعدّ لذلك أخذ منه للفلس ، فكلّ منهما قد أعطى ، وكلّ قد أخذ ما أعطاه الآخر. وإنما تتحقق المعاملة بلا عطاء من شيء من الجانبين فيما إذا كان المالان عند كل منهما بسبق أمانة