الثالث (١) : تمييز البائع من المشتري في المعاطاة
______________________________________________________
التنبيه الثالث : تمييز البائع عن المشتري في المعاطاة
(١) الغرض من عقد هذا التنبيه هو تمييز البائع عن المشتري في المعاطاة الفعلية ، ومحصل ما أفاده هو : أنّه تارة يكون أحد العوضين من النقدين كالدنانير والدراهم ، وأخرى يكون العوضان من غير الأثمان بأن كانا من العروض كالحنطة والسّكّر مثلا.
ففي الصورة الأولى يكون المشتري باذل النقدين ، إلّا مع التصريح بكونه البائع كأن يقول : «بعتك هذه الليرة مثلا بوزنة من الحنطة» فحينئذ يكون باذل الليرة بائعا.
وفي الصورة الثانية يتصور وجوه :
أحدها : أن يقوّم أحد المالين بنقد دون الآخر ، فالمشتري دافع المقوّم.
ثانيها : أن يقوّم كلاهما ، كأن يقوّم الحنطة بدرهم ، والسّكّر أيضا بدرهم.
ثالثها : أن لا يقوّم شيء منهما بالنقدين ، بأن يقع التبادل بين العروضين أصالة كالحنطة واللحم من دون تقدير شيء منهما بالدرهم والدينار ، بل يقع المبادلة بين وقيّة من الحنطة وبين ربع وقيّة من اللحم مثلا.
وفي هذين الوجهين احتمالات أربعة :
الأوّل : كونه بيعا وشراء بالنسبة إلى كلّ منهما ، فكلّ من المتعاملين بائع ، لأنّه بدّل ماله بمال ، وهو تعريف البيع ـ كما تقدّم في محلّه ـ ومشتر ، لأنّه ترك شيئا وأخذ بغيره.
الثاني : كونه بيعا بالنسبة إلى من يعطي أوّلا ، لصدق الموجب عليه ، وشراء بالنسبة إلى الآخذ ، لكونه قابلا عرفا.