أحدها : أن يقصد كلّ منهما تمليك ماله بمال الآخر ، فيكون الآخر (١) في أخذه قابلا (٢) ومتملّكا بإزاء ما يدفعه ، فلا يكون في دفعه (٣) العوض إنشاء تمليك ، بل دفع لما التزمه (٤) على نفسه بإزاء ما تملّكه ، فيكون الإيجاب والقبول بدفع العين الاولى وقبضها (٥) ، فدفع العين الثانية خارج عن حقيقة المعاطاة (٦)
______________________________________________________
وأخذ المشتري ، لأنّ الأوّل تمليك والثاني تملّك ، فإعطاء المشتري خارج عن ركني المعاملة ، وإنما هو وفاء بالعقد ، لا إنشاء للقبول ، ولا إنشاء للتمليك ، بل تمت المعاملة بإعطاء أحدهما وأخذ الآخر ، ولذا لو مات الآخذ قبل دفع ماله مات بعد تمام المعاطاة ، فإطلاق المعاطاة عليه مع عدم حصول التعاطي من الطرفين ـ كما هو ظاهر باب المفاعلة ـ إنّما هو في قبال المعاملة القولية ، وليس إطلاقها عليه من حيث تقوّمها بالعطاء من الطرفين.
ومثل هذا الإطلاق شائع في العقود كالمصالحة ونحوها ، فإنّ إطلاقها ليس باعتبار اشتراك المبدأ بين الطرفين ، ضرورة أنّ المبدء ـ وهو الصلح ـ قائم بواحد منهما ، والقائم بالآخر هو قبول الصلح ، وكذا في المزارعة والمساقاة والإجارة والمضاربة وغيرها في كون المبدء فيها قائما بواحد لا باثنين.
(١) هذا الآخر هو المشتري ، بناء على ما تقدم في التنبيه الثالث من كون البادي في الإعطاء بائعا ، والمتأخر مشتريا.
(٢) يعني : أنّ الفعل الواحد ـ وهو الأخذ ـ قابل لإنشاء التملّك وإن كان متضمنا للتمليك أيضا.
(٣) يعني : فلا يكون إنشاء تمليك في دفع الآخر ـ وهو المشتري ـ العوض إلى الأوّل ، بل يكون دفعه وفاء بالعقد الذي تمّ بالإعطاء والأخذ ، فإعطاء الأوّل إيجاب ، وأخذ الثاني قبول.
(٤) الأولى أن يقال : «لما ألزمه على نفسه ، أو : لما التزم به» إلّا بإشراب معنى «ألزمه» في «التزمه» لوضوح أنّ باب الافتعال لازم غالب لا متعدّ.
(٥) يعني : أنّ الإيجاب يكون بدفع العين الأولى ، والقبول بقبضها.
(٦) بل هو وفاء بالعقد لا إنشاء القبول.