.................................................................................................
__________________
الفعلين لا المالين ـ فقد استشكل فيه بوجهين :
أحدهما : ما في تقرير شيخ مشايخنا المحقق النائيني قدسسره من : «أنّه ليس التمليك بالمعنى المصدري مالا ، بل المال هو الحاصل من المصدر ، وليس هذا الفعل إلّا آلة لحصول اسم المصدر ، فلا يمكن أن يقابل بالمال. فمقابلة التمليك بالمال باطلة ، فضلا عن مقابلة التمليك بالتمليك ، لأنّ التمليك ليس بمال. وفرق بين البيع بإزاء التمليك وبيع المال على أن يخيط له ثوبا ، فإن الفعل في الأوّل آليّ ، بخلاف الثاني فإنّه استقلالي يبذل بإزائه المال» (١).
ومحصل ما أفاده يرجع إلى منع مالية التمليك الموجب لبطلان المعاملة المتقومة بمقابلة المالين ، فمع عدم مالية أحد العوضين ـ فضلا عن كليهما ـ لا تصحّ المعاوضة ، لفقدان ركنها ، هذا.
وقد يورد عليه تارة : بأنّ التمليك مال ، لأنّ مناط المالية المستكشف عنه بتنافس العقلاء عليه موجود في التمليك ، ضرورة أن السلطنة على مال بالتمليك ونحوه ممّا يرغب فيه العقلاء ويتنافسون عليه. فوزان التمليك وزان الخياطة والنجارة ونحوهما من الأفعال التي تعدّ أموالا عند العقلاء ، خصوصا بعد اتحاد المصدر واسمه ذاتا واختلافهما اعتبارا ، فتدبّر.
وأخرى ـ بعد تسليم عدم ماليّته ـ أنّه حقّ قابل للانتقال وأخذ العوض بإزائه ، ومن المعلوم كفاية مثل هذا الحق في صحة المعاملة ، فإنّ سلطنة المالك على نقل تمليك ماله إلى الغير حقّ للمالك. وقد تقدّم سابقا : أن الأصل في الحقوق هو جواز نقلها وإسقاطها. فتوهم كون السلطنة حكما شرعيا غير قابل للنقل فاسد.
لكنك خبير بما فيهما. إذ في الأوّل : أنّ المال هو ما يتنافس العقلاء عليه ، لكن تطبيقه على تمليك التمليك ممنوع ، فإنّ رغبة العقلاء في أمر ليست بلا مناط ، فالعين شخصية كانت أم كلّية بأقسامها مال بلحاظ منفعتها ، وكذا الحال في المنافع المتجددة
__________________
(١) : منية الطالب ، ج ١ ، ص ٧١