ومنشأ الإشكال أوّلا : الإشكال (١) في صحة إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على ملكية المتصرف بأن يقول : «أبحت لك كلّ تصرف» من دون أن يملّكه العين.
______________________________________________________
(١) هذا هو الإشكال المشترك بين القسمين الثالث والرابع ، ومحصّله : عدم الدليل على مشروعية إباحة جميع التصرفات حتّى ما يتوقف منها على ملكيّة المتصرّف كالوقف والعتق والبيع ، بأن يقول : «أبحت لك كل تصرف ، مع بقاء العين على ملكي».
ومنشأ الإشكال : أنّ الدليل على جواز الإباحة قاعدة السلطنة ، وهي ليست مشرّعة ، وإنّما تدل على صحة كل تصرّف ثبت جوازه شرعا بدليل آخر ، فإنّ الناس مسلّطون على أموالهم لا على أحكام أموالهم. ولمّا كان توقف صحة البيع والعتق ونحوهما على الملك حكما شرعيا ـ لا من شؤون سلطنة المالك على ماله ـ لم يكن للمالك أن يبيح للغير كل تصرّف في ماله حتّى ما يناط بملكية المتصرّف ، ولا تكفي الإباحة في نفوذه وصحته. ولا فرق في هذا الإشكال بين كون الإباحة معوّضة وخالية عن العوض ، وكان العوض تمليكا أم إباحة.
__________________
كما أنّها ليست بهبة معوّضة ، لأنّ العوض فيها يكون بنحو الاشتراط ، لا المقابلة. بخلاف المقام ، فإنّ العوض فيه يكون على وجه المقابلة.
مضافا إلى : أنّه يعتبر في الهبة أن يكون الموهوب عينا. وهو مفقود في المقام ، إذ المفروض كون التعاوض بين التمليكين ، وهما أجنبيان عن العين.
كما أنّها ليست بإجارة أيضا ، لعدم كون التسليط على التمليك منفعة عرفا ، ولعدم كون توقيته بوقت معيّن ، مع أنّ تعيين الأجل ممّا لا بدّ منه في الإجارة.
فالظاهر أنّ هذه المعاملة ـ على تقدير صحتها ـ معاوضة خاصة يشملها دليل التجارة ، ولا يجري فيها الأحكام المختصة بالبيع كخيار المجلس والغرر بناء على اختصاصه بالبيع ، والله العالم.