فكيف (١) يجوز للمالك أن يأذن فيه (٢)؟
نعم (٣) يصح ذلك (٤) بأحد وجهين كلاهما في المقام مفقود.
أحدهما (٥) : أن يقصد المبيح بقوله : «أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك»
______________________________________________________
عوض في مقابلة فكّ» (١).
(١) جزاء قوله : «فإذا كان».
(٢) أي : في بيع ملك نفسه مع عدم وصول العوض إليه ، لفرض دخول العوض في ملك المأذون.
(٣) استدراك على قوله : «فكيف يجوز للمالك» وغرضه إبداء الفرق بين إباحة جميع التصرفات وبين إذن المالك لغيره في بيع ماله ، ومحصّله : أنّ إذن المالك لغيره في البيع يمكن تصحيحه بأحد وجوه ثلاثة ، بخلاف إباحة جميع التصرفات ، إذ لا يمكن تصحيحها بها كما سيظهر إن شاء الله تعالى.
(٤) يعني : يصحّ البيع مع إذن المالك.
(٥) هذا الوجه الأوّل محكي عن بعض الأساطين ، وهو مأخوذ ممّا ذكروه في تصحيح وقوع العتق عن الأمر بالعتق في قوله : «أعتق عبدك عنّي» فيراد تصحيح الإباحة المطلقة بتنظيره بالأمر بالعتق ، ومحصله : أنّ قول المبيح : «أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك» إمّا أن يقصد به إنشاء التوكيل ، وإمّا أن يقصد به التمليك بلسان الإباحة. والتوكيل إمّا أن يكون في بيع المال ثم تملكه بهبة ، وإمّا أن يكون بتملّك المال أوّلا ثم بيعه ، فالصور ثلاث :
الأولى : أن يقصد المبيح بقوله : «أبحت ..» إنشاء التوكيل للمباح له في أمرين :
أحدهما : أن يبيع مال الموكّل المبيح. ثانيهما : نقل الثمن إلى نفسه بالهبة ، يعني يهب المباح له الثمن لنفسه وكالة عن المبيح ، فإذا فعل ذلك كان الثمن ملكا له.
الثانية : أن يقصد المبيح صيرورة المباح له وكيلا في تمليك المال لنفسه ، ثم بيعه ،
__________________
(١) : قواعد الأحكام ، ص ٥٨ (الطبعة الحجرية).