على واد. فجعل النّاس يهلّلون ويكبّرون ويرفعون أصواتهم.
فقال : أيّها النّاس ، أربعوا (١) على أنفسكم. أما إنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا ، إنّكم تدعون سميعا قريبا ، إنّه معكم.
وفي مصباح الشّريعة (٢) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : استعن بالله في جميع أمورك متضرّعا إليه آناء اللّيل والنّهار. قال الله ـ تعالى ـ : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
ولا يخفى دلالة الآية والخبر. على أنّ الإجهار المفرط بالدّعاء وغيره ، اعتداء لا يحبّه الله. والّذي يحبّه هو الإخفاء والتّضرّع. فالّذين ينتحبون إلى الله بالتّرنّم بالأصوات والإجهار بالأشعار والأبيات ، عن الصّراط لناكبون ، ولطريق الاعتداء سالكون.
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) : بالكفر والمعاصي.
(بَعْدَ إِصْلاحِها) : ببعث الأنبياء ، ونصب الأوصياء ، وشرع الأحكام.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : أصلحها برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين [وذريته ـ عليهم السّلام ـ] (٤).
(وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) : ذوي خوف من الرّدّ لقصور أعمالكم وعدم استحقاقكم ، وطمع في إجابته تفضّلا وإحسانا لفرط رحمته.
(إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٥٦) : ترجيح للطّمع ، وتنبيه على ما يتوصّل به إلى الإجابة ، وتذكير قريب ، لأنّ الرّحمة ، بمعنى : الرّحم. أو لأنّه صفة محذوف ، أي : أمر قريب. أو على تشبيهه بفعيل ، الّذي بمعنى : المفعول. أو الّذي هو مصدر ، كالنّقيض. أو للفرق بين القريب من النّسب والقريب من غيره.
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) وقرأ (٥) ابن كثير وحمزة والكسائيّ : «الرّيح» على الوحدة.
(بُشْراً) : جمع ، بشور ، بمعنى : باشر.
__________________
(١) أربع على نفسك أي : توقّف.
(٢) مصباح الشريعة / ٣٧٤ ـ ٣٧٥.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٢٣٦.
(٤) من المصدر.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٥٢.