(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) ، أي : عن الإيمان.
(لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) : للّذين استضعفوهم واستذلّوهم.
(لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) : بدل من «للّذين استضعفوا» بدل الكلّ ، إن كان الضّمير «لقومه». وبدل البعض ، إن كان «للّذين».
(أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) : قالوه على الاستهزاء.
(قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (٧٥) : عدلوا به عن الجواب السّويّ ، الّذي هو «نعم» ، تنبيها على أنّ إرساله أظهر من أن يشكّ فيه عاقل أو يخفى على ذي رأي.
وإنّما الكلام فيمن آمن به ومن كفر. فلذلك قال : (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٧٦) : على المبالغة. ووضعوا «آمنتم به» موضع «أرسل به» ردّا لما جعلوه معلوما مسلّما.
في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (١) ، بإسناده إلى زيد الشّحّام : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ صالحا ـ عليه السّلام ـ غاب عن قومه زمانا. وكان يوم غاب عنهم كهلا ، مبدّح البطن (٢) ، حسن الجسم ، وافر اللّحية ، خميص البطن ، خفيف العارضين ، مجتمعا ربعة (٣) من الرّجال. فلمّا رجع إلى قومه ، لم يعرفوه بصورته. فرجع إليهم وهم على ثلاث طبقات : طبقة جاحدة لا ترجع أبدا ، وأخرى شاكّة فيه ، وأخرى على يقين.
فبدأ ـ عليه السّلام ـ حين رجع بالطّبقة الشّاكّة فقال لهم : أنا صالح. فكذّبوه وشتموه وزجروه ، وقالوا : بريء (٤) الله منك ، إنّ صالحا كان في غير صورتك.
قال : فأتى الجحّاد ، فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشدّ النّفور.
ثمّ انطلق إلى الطّبقة الثّالثة ، وهم أهل اليقين. فقال لهم : أنا صالح.
فقالوا : أخبرتنا خبرا لا نشكّ فيه معك أنّك صالح. فإنّا لا نمتري. فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ ينقل ويحوّل في أيّ صورة شاء. وقد أخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء. وإنّما يصحّ عندنا إذا أتى الخبر من السّماء.
__________________
(١) كمال الدين / ١٣٦ ـ ١٣٧ ، ح ٦.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : مبذح البطن. والمبدّح : بمعنى الموسّع ، أو واسع البطن.
(٣) ربعة ، أي : لا بالطويل ولا بالقصير.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : نبرأ.