بالسّلام ، ثمّ جلس.
فازداد هشام عليه حنقا بتركه السّلام عليه بالخلافة ، وجلوسه بغير إذن. فأقبل يوبّخه ، ويقول فيما يقول له : يا محمّد بن عليّ ، لا يزال الرّجل منكم قد شقّ عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه ، وزعم أنّه الإمام سفها وقلّة علم. ووبّخه بما أراد أن يوبّخه.
فلمّا سكت ، أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبّخه حتّى انقضى آخرهم.
فلمّا سكت القوم ، نهض ـ عليه السّلام ـ قائما ، ثمّ قال : أيّها النّاس ، أين تذهبون ، وأين يراد بكم!؟ بنا هدى الله أوّلكم ، وبنا يختم (١) آخركم. فإن يكن لكم ملك معجّل ، فإنّ لنا ملكا مؤجّلا. وليس بعد ملكنا ملك ، لأنّا أهل العاقبة. يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
فأمر به إلى الحبس.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
(قالُوا) ، أي : بنو إسرائيل.
(أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا) : بالرّسالة ، بقتل الأبناء.
(وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) ، أي : بإعادته.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : قال : قال الّذين آمنوا لموسى (٣) : قد «أوذينا» قبل مجيئك ـ يا موسى (٤) ـ بقتل أولادنا. (وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) لمّا حبسهم فرعون لإيمانهم بموسى.
(قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) : تصريحا بما كنّى عنه أوّلا ، لمّا رأى أنّهم لم يتسلّوا بذلك. ولعلّه أتى بفعل الطّمع ، لعدم جزمه بأنّهم المستخلفون بأعيانهم أو أولادهم.
وقد روي (٥) : أنّ مصرا إنّما فتح لهم في زمن داود ـ عليه السّلام ـ.
(فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (١٢٩) : فيرى ما تعملون من شكر وكفران وطاعة وعصيان ، ليجازيكم على حسب ما يوجد منكم.
(وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ) : بالجدب ، لقلّة الأمطار والمياه. والسّنة.
__________________
(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يحكم.
(٢) تفسير القمّي ١ / ٢٣٧.
(٣) المصدر : يا موسى.
(٤) ليس في المصدر.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٦٤.