(وَلَمَّا) (١) (جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي) (الآية).
كيف يجوز أن يكون كليم الله ، موسى بن عمران أن (٢) لا يعلم أنّ الله ـ تعالى ذكره ـ لا يجوز عليه الرّؤية حتّى يسأله هذا السّؤال؟
فقال ـ عليه السّلام ـ : إنّ كليم الله ، موسى بن عمران علم أنّ الله منزّه عن أن يرى بالأبصار. ولكنّه لمّا كلّمه الله ـ عزّ وجلّ ـ وقرّبه نجيّا ، رجع إلى قومه فأخبرهم أنّ الله كلّمه وقرّبه وناجاه.
فقالوا : لن نؤمن لك حتّى نسمع كلامه ، كما سمعته.
وكان القوم سبعمائة ألف رجل. فاختار منهم سبعين ألفا ، ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ، ثمّ اختار منهم سبعمائة ، ثمّ اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربّه.
فخرج بهم إلى طور سيناء ، فأقامهم في سفح الجبل. وصعد موسى ـ عليه السّلام ـ إلى الطّور ، وسأل الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يكلّمه ويسمعهم كلامه. فكلّمه (٣) الله ، وسمعوا كلامه من فوق ومن (٤) أسفل ويمين وشمال ووراء وأمام. لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أحدثه في الشّجرة ، ثمّ (٥) جعله منبعثا منها حتّى سمعوه من جميع الوجوه.
فقالوا : لن نؤمن بأنّ هذا الّذي سمعناه كلام الله ، حتّى نرى الله جهرة.
فلمّا قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا ، بعث الله عليهم صاعقة.
فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ، فماتوا.
فقال موسى : يا ربّ ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا : إنّك ذهبت بهم فقتلتهم ، لأنّك لم تك صادقا فيما ادّعيت من مناجاة الله ـ عزّ وجلّ ـ إيّاك؟
فأحياهم وبعثهم معه.
فقالوا : إنّك لو سألت الله أن يريك تنظر (٦) إليه ، لأجابك. فتخبرنا (٧) كيف هو ، ونعرفه حقّ معرفته.
فقال موسى : يا قوم ، إنّ الله لا يرى بالأبصار ، ولا كيفيّة له. وإنّما يعرف
__________________
(١) هكذا في المصحف أيضا ، ولكن في المصدر :فلمّا.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : وكلّمهم.
(٤) ليس في المصدر.
(٥) المصدر : و.
(٦) المصدر : ننظر.
(٧) المصدر : وكنت تخبرنا.