(قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) ، أي : أوّل من صدّق أنّك لا ترى.
وفي بصائر الدّرجات (١) : بعض أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد السّياريّ قال : وقد سمعت أنا من أحمد بن محمّد قال : حدّثني أبو محمّد ، عبيد بن أبي عبد الله القاري أو (٢) غيره ، رفعوه إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الكرّوبين قوم من شيعتنا من الخلق الأوّل ، جعلهم الله خلف العرش. لو قسّم نور واحد منهم على أهل الأرض ، لكفاهم.
ثمّ قال : إنّ موسى ـ عليه السّلام ـ لمّا سأل ربّه ما سأل ، أمر واحدا من الكروبيّين فتجلّى للجبل فجعله دكّا.
وفي كتاب الاحتجاج (٣) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه ـ عليه السّلام ـ مجيبا لبعض الزّنادقة ، وقد قال : وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بتهجينه موسى حيث (قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي) (الآية) : وأما هفوات الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ وما بيّنه الله في كتابه ، فإنّ ذلك من أدلّ (٤) الدلائل على حكمته ـ عزّ وجلّ ـ الباهرة وقدرته القاهرة وعزّته الظّاهرة. لأنّه علم أنّ براهين الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ تكبر في صدور أممهم ، وأنّ منهم من يتّخذ بعضهم إلها ، كالّذي كان من النّصارى في ابن مريم. فذلك دلالة على تخلّفهم عن الكمال الّذي انفرد به ـ عزّ وجلّ ـ.
قال في الجوامع : وقيل (٥) : في الآية وجه آخر ، وهو أن يكون المراد بقوله : (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) : عرّفني نفسك تعريفا واضحا جليّا ، بإظهار بعض الآيات الأخر الّتي تضطرّ الخلق إلى معرفتك. «أنظر إليك» : أعرفك معرفة ضروريّة ، كأنّي أنظر إليك ، كما جاء في الحديث : سترون ربّكم ، كما ترون القمر ليلة البدر ، بمعنى : ستعرفونه معرفة جليّة.
وهي في الجلاء ، مثل إبصاركم القمر إذا امتلأ واستوى بدرا. (قالَ لَنْ تَرانِي) : لن تطيق معرفتي على هذه الطّريقة ، ولن تحتمل قوّتك تلك الآية. (لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ) فإنّي أورد عليه آية من تلك الآيات. فإن ثبتت (٦) لتجلّيها واستقرّ مكانه ، فسوف تثبت
__________________
(١) بصائر الدرجات / ٨٩ ، ح ٢.
(٢) المصدر : أبي عبد الله الفارسي و.
(٣) الاحتجاج ١ / ٣٦٤ و ٣٦٥ و ٣٧٠.
(٤) هكذا في المصدر ، وفي النسخ : أوّل.
(٥) جوامع الجامع / ١٥٦.
(٦) المصدر : ثبتّ.