فقال : لا علم لي ، يا ربّ.
فقال : يا موسى ، إنّي اطّلعت إلى خلقي اطّلاعة ، فلم أجد في خلقي أشدّ تواضعا لي منك ، فمن ثمّ خصصتك بوحيي وكلامي من بين خلقي.
قال : وكان موسى ـ عليه السّلام ـ إذا صلّى ، لم ينفتل حتّى يلصق خدّه الأيمن بالأرض والأيسر.
(وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) : ممّا يحتاجون إليه في أمر الدّين.
(مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) : بدل من الجار والمجرور ، أي : كتبنا كلّ شيء من المواعظ وتفصيل الأحكام.
واختلف في أنّ الألواح كانت عشرة ، أو سبعة. وكانت من زمرّد ، أو زبرجد ، أو ياقوت أحمر ، أو صخرة صمّاء لينّها الله لموسى فقطعها بيده أو شقّها بأصابعه وكان فيها التّوراة ، أو غيرها.
وفي تفسير العيّاشي (١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : أنّها كانت زبرجدة من الجنّة.
وفي بصائر الدّرجات (٢) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : أنّها كانت [ألواح موسى] (٣) من زمرّد أخضر.
ويمكن الجمع بين الرّوايتين ، بأنّهما واحدة. أو كان بعضها من زبرجدة ، وبعضها من زمرّد.
(فَخُذْها) : على إضمار القول عطفا على «كتبنا». أو بدل من قوله : (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ). و «الهاء» للألواح ، أو لكلّ شيء. فإنّه بمعنى : الأشياء. أو للرّسالات.
(بِقُوَّةٍ) : بجد وعزيمة ، أي : قوّة القلب.
(وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) ، أي : بأحسن ما فيها ، كالصّبر والعفو.
بالإضافة إلى الانتصار والاقتصاص ، على طريقة النّدب والحثّ على الأفضل ، كقوله ـ تعالى ـ : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ). أو بواجباتها ، فإنّ الواجب أحسن من غيره.
ويجوز أن يراد بالأحسن : البالغ في الحسن مطلقا ، لا بالإضافة. وهو المأمور به ،
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٨ ، ح ٧٧.
(٢) بصائر الدرجات / ١٦١ ، ضمن ح ٦.
(٣) من المصدر.