لبلعم : ادع (١) الله على موسى وأصحابه ، ليحبسه علينا.
فركب حمارته ، ليمرّ في طلب موسى ـ عليه السّلام ـ [وأصحابه] (٢) فامتنعت عليه حمارته. فأقبل يضربها ، فأنطقها الله ـ عزّ وجلّ ـ فقالت : ويلك ، على ما تضربني!؟
أتريد أن أجيء معك لتدعو على نبيّ الله وقوم مؤمنين!؟
فلم يزل يضربها حتّى قتلها. وانسلخ الاسم [الأعظم] (٣) من لسانه. وهو قوله : (فَانْسَلَخَ مِنْها).
(وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ) : إلى منازل الأبرار من العلماء.
(بِها) : بسبب تلك الآيات وملازمتها.
(وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) : مال إلى الدّنيا ، أو إلى السّفل.
(وَاتَّبَعَ هَواهُ) : في إيثار الدّنيا واسترضاء قومه ، وأعرض عن مقتضى الآيات.
قيل (٤) : وإنّما علّق رفعه بمشيئة الله ثمّ استدرك عنه بفعل العبد ، تنبيها على أنّ المشيئة سبب لفعله الموجب لرفعه ، وأنّ عدمه دليل عدمها ، دلالة انتفاء المسبّب على انتفاء سببه. لأنّ (٥) السّبب الحقيقيّ هو المشيئة ، وأنّ ما نشاهده من الأسباب وسائط معتبرة في حصول المشيئة ، من حيث إنّ المشيئة تعلّقت به كذلك. وكان من حقّه أن يقول ولكنّه أعرض عنها ، فأوقع موقعه (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ) مبالغة ، وتنبيها على ما حمله عليه. وأنّ حبّ الدّنيا رأس كلّ خطيئة.
(فَمَثَلُهُ) : فصفته الّتي هي مثل في الخسّة.
(كَمَثَلِ الْكَلْبِ) ، كصفته في أخسّ أحواله. وهو (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) ، أي : يلهث دائما ، سواء حمل عليه بالزّجر والطّرد أو ترك ولم يتعرّض له ، لضعف فؤاده. بخلاف سائر الحيوانات ، فإنّه إذا هيّج وحرّك لهث وإلّا لم يلهث.
و «اللهث» إدلاع اللّسان من التّنفّس الشّديد.
والشّرطيّة في موضع الحال ، والمعنى : لاهثا في الحالتين.
وخلاصة المعنى : إن وعظته ، فهو ضالّ. وإن لم تعظه ، فهو ضالّ في كلّ حال.
__________________
(١) المصدر : ادعو.
(٢) من المصدر.
(٣) من المصدر.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٣٧٧.
(٥) المصدر : وأنّ.