ملك ، ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك ، ومن عهود ملك إلى عهود ملك. فاستدرجهم الله من حيث لا يعلمون ، وأنّ كيده متين بالأمل والرّجاء.
وفي نهج البلاغة (١) : إنّه من وسع عليه في ذات يده ، فلم ير (٢) ذلك استدراجا ، فقد أمن مخوفا.
(وَأُمْلِي لَهُمْ) : وأمهلهم. عطف على «سنستدرجهم».
(إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (١٨٣) ، أي : أخذي شديد.
وإنّما سمّاه : كيدا ، لأنّ ظاهره إحسان وباطنه خذلان.
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ) ، يعني : محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
(مِنْ جِنَّةٍ) : جنون.
نقل (٣) : أنّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ علا (٤) الصّفا ، فدعاهم فخذا فخذا يحذّرهم بأس الله.
فقال قائلهم : إنّ صاحبكم لمجنون ، بات يهوّت (٥) إلى الصّباح. فنزلت.
(إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (١٨٤) : موضح إنذاره بحيث لا يخفى على ناظر.
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا) : نظر استدلال.
(فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) : ممّا يقع عليه اسم الشّيء من الأجناس ، الّتي لا يمكن حصرها. ليدلّهم على كمال قدرة صانعها ، ووحدة مبدعها ، وعظم شأن مالكها ومتولّي أمرها. ليظهر لهم صحّة ما يدعوهم إليه.
(وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) : عطف على «ملكوت». و «أن» مصدريّة ، أو خفيفة من الثّقيلة. واسمه ضمير الشّأن ، وكذا اسم «يكون».
والمعنى : أو لم ينظروا في اقتراب آجالهم وتوقّع حلولها ، فيسارعوا إلى طلب الحقّ والتّوجّه إلى ما ينجيهم قبل معاينة الموت ونزول العذاب.
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) : بعد القرآن.
(يُؤْمِنُونَ) (١٨٥) : إذا لم يؤمنوا به وهو النّهاية في البيان ، كأنّه إخبار عنهم
__________________
(١) نهج البلاغة / ٥٣٧.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم يرد.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٧٩.
(٤) المصدر : صعد على.
(٥) هوّت به : صاح. وفي المصدر : يهوث.