والعاهة ، كان ما آتاهما صنفين : صنفا ذكرانا (١) ، وصنفا إناثا. فجعل الصّنفان لله ـ سبحانه ـ (شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) ، ولم يشكراه ، كشكر أبويهما له ـ عزّ وجلّ ـ. قال الله ـ تعالى ـ : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
فقال المأمون : أشهد أنّك ابن رسول الله حقّا.
وما يستفاد من هذا الخبر موافق للقول الأخير ، إلّا في شيئين : الأوّل ، أنّه لا حاجة فيه إلى تقدير المضاف في الموضعين. لأنّ «صالحا» لمّا كان صنفين ، يمكن إرجاع ضمير التّثنية في «جعلا» وفي «آتاهما» إليه ، باعتبار المعنى.
بخلاف ذلك القول ، فإنّه قدّر المضاف في الموضعين.
والثّاني ، أنّه جعل الشّرك عدم الشّكر على حدّ ما شكر أبواها. وهو أعمّ ممّا جعله هذا القائل عبارة منه.
(وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً) ، أي : لعبدتهم.
(وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) (١٩٢) : فيدفعون عنها ما يعتريها.
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) ، أي : المشركين.
(إِلَى الْهُدى) : إلى الإسلام.
(لا يَتَّبِعُوكُمْ).
وقرأ (٢) نافع ، بالتّخفيف.
وقيل (٣) : الخطاب للمشركين. و «هم» ضمير الأصنام ، أي : إن تدعوهم إلى أن يهدوكم ، لا يتّبعوكم إلى مرادكم ، ولا يجيبوكم ، كما يجيبكم الله.
(سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (١٩٣) : وإنّما لم يقل : «أم صمتّم» للمبالغة في عدم إفادة الدّعاء. من حيث أنّه مسوّى بالثّبات على الصّمات ، أو لأنّه ما كانوا يدعونها لحوائجهم. فكأنّه قيل : سواء عليكم إحداثكم دعاءكم لهم واستمراركم على الصّمات عن دعائهم.
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، أي : تعبدونهم ، وتسمّونهم آلهة.
(عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) : من حيث أنّها مملوكة مسخّرة.
(فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٩٤) : أنّهم آلهة.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : ذكرا.
(١ و ٣) ـ أنوار التنزيل ١ / ٣٨١.