ويحتمل أنّهم لمّا نحتوها بصور الأناسيّ ، قال لهم : إنّ قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء أمثالكم ، فلا يستحقّون عبادتكم ، كما لا يستحقّ بعضكم عبادة بعض. ثمّ عاد عليه بالنّقض فقال : (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) وقرئ (١) : «إن الّذين». بتخفيف «إن» ، ونصب «عباد». على أنّها نافية عملت عمل «ما» الحجازيّة ، ولم يثبت مثله. و «يبطشون» بالضّمّ ، ها هنا وفي القصص والدّخان.
(قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) : واستعينوا بهم في عداوتي.
(ثُمَّ كِيدُونِ) : فبالغوا فيما تقدرون عليه من مكروهي ، أنتم وشركاؤكم.
(فَلا تُنْظِرُونِ) (١٩٥) : فلا تمهلوني. فإنّي لا أبالي بكم ، لوثوقي على ولاية الله وحفظه.
(إِنَّ وَلِيِّيَ) : حافظي وناصري.
(اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ) : القرآن.
(وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (١٩٦) ، أي : ومن عادته ـ تعالى ـ أن يتولّى الصّالحين من عباده ، فضلا عن أنبيائه.
(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) (١٩٧) : من إتمام التّعليل ، لعدم مبالاته بهم.
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (١٩٨) : يشبهون النّاظرين إليك ، بأنّهم صوّروا بصورة من ينظر إلى من يواجهه.
(خُذِ الْعَفْوَ) ، أي : خذ ما عفا لك من أفعال النّاس وتسهّل ، ولا تطلب ما يشقّ عليهم.
ونحوه قوله ـ عليه السّلام ـ : يسّروا ولا تعسّروا.
من العفو ، الّذي هو ضدّ الجهل.
أو خذ العفو من المذنبين ، أو الفضل وما يسهّل من صدقاتهم.
وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن الحسن (٣) بن عليّ بن النّعمان ، عن أبيه ، عمّن سمع أبا
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٨١.
(٢) تفسير العيّاشي ٢ / ٤٣ ، ح ٢٦.
(٣) كذا في النسخ وجامع الرواة ١ / ٢١٧ ، وفي المصدر : الحسين.