قيل : أصليّ إذن في بيتي ، ثمّ أخرج إليه.
فقال : أنت وذاك.
وقال : إنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ كان في صلاة الصّبح. فقرأ ابن الكواء وهو خلفه : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١). فأنصت عليّ ـ عليه السّلام ـ تعظيما للقرآن حتّى فرغ من الآية. ثمّ عاد في قراءته. ثمّ أعاد ابن الكواء الآية. فأنصت عليّ ـ عليه السّلام ـ أيضا. ثمّ قرأ ، فأعاد ابن الكواء. فأنصت عليّ ـ عليه السّلام ـ ثمّ قال : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) (٢) ثمّ أتمّ السّورة ، ثمّ ركع.
قيل (٣) : هذان الحديثان وما في معناهما ، ممّا يوافق ظاهر القرآن من عموم وجوب الاستماع والإنصات ، محمول عند أصحابنا وعامّة الفقهاء على الاستحباب وتأكّده. بل قد ورد الأمر بالقراءة خلف المخالف ، وإن سمعت قراءته ، إذا لم تكن هناك تقيّة.
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ) : عامّ في الأذكار ، من القراءة والدّعاء وغيرهما.
(تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) : متضرّعا وخائفا.
(وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) : متكلّما كلاما فوق السّرّ ، ودون الجهر. فإنّه أدخل في الخشوع والإخلاص.
(بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) : أوقات الغدوّ والعشيّات.
وقرئ : «الإيصال». وهو مصدر آصل : إذا دخل في الأصيل. مطابق للغدوّ.
وفي أصول الكافي (٤) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : لا يكتب الملك إلّا ما سمع. وقال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً). فلا يعلم ثواب ذلك الذّكر في نفس الرّجل غير الله ـ عزّ وجلّ ـ لعظمته.
وبإسناده (٥) إلى أبي بصير : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في آخر حديث : ودعاء التّضرّع ، أن تحرّك إصبعك السّبّابة مما يلي وجهك. وهو دعاء الخيفة.
__________________
(١) الزمر / ٦٥.
(٢) الروم / ٦٠.
(٣) تفسير الصّافي ٢ / ٢٦٣.
(٤) الكافي ٢ / ٥٠٢.
(٥) الكافي ٢ / ٤٨١.