فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ثكلتك أمّك ، وهل تنصرون إلّا بضعفائكم؟
قال : فلم يخمّس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ببدر ، وقسّم بين أصحابه ثم استقبل يأخذ الخمس بعد بدر ، [فأنزل الله قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) بعد انقضاء حرب بدر. وقد كتب ذلك في أوّل السّورة ، وكتب بعده خروج النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى الحرب] (١).
(فَاتَّقُوا اللهَ) : في الاختلاف والمشاجرة.
(وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) : الحالة الّتي بينكم بالمواساة والمساعدة فيما رزقكم الله ، وتسليم أمره إلى الله والرّسول.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) : فيه.
(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١) : فإنّ الإيمان يقتضي ذلك. أو أن كنتم كاملي الإيمان ، فإنّ كمال الإيمان بهذه الثّلاثة : طاعة الأوامر ، والاتّقاء عن المعاصي ، وإصلاح ذات البين بالعدل والإحسان.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) ، أي : الكاملون في الإيمان.
(الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) : فزعت لذكره ، استعظاما له ، وتهيّبا من جلاله.
وقيل (٢) : هو الرّجل يهمّ بمعصية ، فيقال له : اتّق الله. فينزع عنها خوفا من عقابه.
وقرئ (٣) : «وجلت» بالفتح. وهي لغة. و «فرقت» ، أي : خافت.
(وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) : لزيادة المؤمن به. أو لأطمئنان النّفس ورسوخ اليقين بتظاهر الأدلّة ، بناء على أنّ اليقين يقيل التّشكيك. أو بالعمل بموجبها ، وهو قول من قال : الإيمان يزيد بالطّاعة وينقص ، بالمعصية ، بناء على أنّ العمل داخل فيه.
(وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٢) : يفوّضون إليه أمورهم ، ولا يخشون ولا يرجون إلّا إيّاه.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في المتن.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٣٨٤.
(٣) نفس المصدر والموضع.