(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) : لأنّهم حقّقوا إيمانهم ، بأن ضمّوا إليه مكارم أعمال القلوب من الخشية والإخلاص. والتوكّل ، ومحاسن أفعال الجوارح الّتي هي العيار عليها من الصّلاة والصّدقة.
و «حقّا» صفة مصدر محذوف ، أي : إيمانا حقّا. أو مصدر مؤكّد ، كقوله : هو عبد الله حقّا.
(لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : كرامة وعلوّ منزلة.
وقيل : درجات الجنّة يرتقونها بأعمالهم (١).
(وَمَغْفِرَةٌ) : لما فرط منهم.
(وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٤) : اعدّ لهم في الجنّة ، لا ينقطع عدده ولا ينتهي أمده.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : نزلت في أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ ، وأبي ذرّ ، وسلمان ، والمقداد.
وفي أصول الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد قال : حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنّة ، وبالزّيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدّرجات عند الله ، وبالنّقصان دخل المفرطون النّار.
ويأتي صدر الحديث في أواخر سورة التّوبة إن شاء الله.
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ) : خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هذه الحال في كراهتهم إيّاها ، كحال إخراجك للحرب في كراهتهم له.
أو صفة مصدر للفعل المقدّر في قوله : «لله والرّسول» ، أي : الأنفال ثبتت لله والرّسول ، مع كراهتهم ، ثباتا ، مثل ثبات إخراجك ربّك من بيتك ، يعني المدينة. لأنّها مهاجره ومسكنه. أو بيّته فيها مع كراهتهم.
(وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٥) : في موقع الحال.
قيل (٤) : يعني : حالهم هذه في كراهة ما حكم الله في الأنفال ، مثل حالهم في
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٨٤.
(٢) تفسير القمّي ١ / ٢٥٥.
(٣) الكافي ٢ / ٣٧ ، ح ١.
(٤) تفسير الصافي ٢ / ٢٦٩.