منكم.
والأظهر أنّها محكمة ، مخصوصة بقوله : (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) (الآية).
ويجوز أن ينتصب «زحفا» على الحال من الفاعل والمفعول ، أي : إذا لقيتموهم متزاحفين يدبّون إليكم وتدبون إليهم ، فلا تنهزموا. أو من الفاعل وحده ، ويكون أشعارا بما سيكون منهم يوم حنين حين تولّوا ، وهم اثنا عشر ألفا.
(وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) : يريد الكر بعد الفرّ وتغرير العدوّ ، فانّه من مكائد الحرب.
(أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) ، أي : منحازا إلى طائفة أخرى من المسلمين على القرب ، ليستعين بهم.
ومنهم من لم يعتبر القرب ، لما نقل (١) ابن عمر أنّه كان في سريّة بعثهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ففرّوا إلى المدينة.
فقلت : يا رسول الله ، نحن الفرّارون؟
فقال : بل أنتم العكارون ، وأنا فئتكم.
وانتصاب «متحرّفا» و «متحيزا» على الحال ، وإلّا لغو لا عمل لها. أو الاستثناء من المولين ، أي : إلّا رجلا متحرفا أو متحيزا.
ووزن «متحيّز» «متفيعل» لا «متفعّل» ، وإلا لكان متحوزا ، من حاز يحوز.
(فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٦).
قيل : هذا إذا لم يزد العدوّ على الضعف ، لقوله : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) (الآية).
وقيل (٢) : الآية مخصوصة بأهل بيته (٣) ، والحاضرين معه في الحرب.
وفي تفسير العيّاشيّ (٤) : عن أبي أسامة ، زيد الشّحام قال : قلت لأبي الحسن ـ عليه السّلام ـ : جعلت فداك ، إنّهم يقولون : ما منع عليا ، ان كان له حقّ ، أن يقوم بحقّه؟
فقال : إنّ الله لم يكلّف هذا أحدا إلّا نبيّه ـ عليه وآله السّلام ـ قال له :
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٨٨
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٣٨٨.
(٣) ح : بدر.
(٤) تفسير العياشي ٢ / ٥١ ، ح ٣١.