في جواب مسائله في العلل : وحرّم الله ـ تعالى ـ الفرار من الزّحف لما فيه من الوهن في الدّين ، والاستخفاف بالرّسل والائمّة العادلة ـ عليهم السّلام ـ وترك نصرتهم على الأعداء ، والعقوبة لهم على انكار ما دعوا إليه من الإقرار بالرّبوبيّة وإظهار العدل ، وترك الجور ، وإماتته والفساد (١) ، لما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين ، وما يكون من السّبي والقتل وإبطال من دين الله ـ عزّ وجلّ ـ وغيره من الفساد.
وفي الكافي (٢) : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي حمزة ، عن عقيل الخزاعيّ ، أنّ أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ كان إذا حضر الحرب ، يوصي المسلمين بكلمات يقول : تعاهدوا الصّلاة ـ إلى أن قال عليه السّلام ـ : ثمّ أنّ الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمؤازرين على الضّلال ضلال في الدين ، وسلب للدّنيا مع الذّلّ والصّغار ، وفيه استيجاب النّار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال. يقول الله ـ تعالى ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ)
أحمد بن محمّد الكوفيّ (٣) ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن مفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وعن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ لأصحابه : إذا لقيتم عدوكم في الحرب ، فأقلّوا الكلام واذكروا الله ـ عزّ وجلّ ـ (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) فتسخطوا الله ـ تبارك وتعالى ـ وتستوجبوا غضبه.
محمّد بن يحيى (٤) ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان يقول : من فرّ من رجلين في القتال من الزحف ، فقد فرّ. ومن فرّ من ثلاثة في القتال من الزّحف ، فلم يفرّ.
(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) : بقوّتكم.
(وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) : بنصركم وتسليطكم عليهم ، وإلقاء الرّعب في قلوبهم.
نقل (٥) : انّه لمّا طلعت قريش من العقنقل ، قال ـ عليه السّلام ـ : هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك. اللهم ، انّي أسألك ما وعدتني.
__________________
(١) المصدر : وإماتة الفساد.
(٢) الكافي ٥ / ٣٦ و ٣٨.
(٣) الكافي ٥ / ٤٢ ، ح ٥.
(٤) الكافي ٥ / ٣٤ ، ح ١.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٨٨.