أن يشتهي الشيء بسمعه وبصره ولسانه ويده. أما أنّه لا يغشى شيئا منها. وان كان غشي شيئا مما يشتهي ، فانه لا يأتيه إلّا وقلبه منكر لا يقبل الذي يأتي ، يعرف أنّ الحق ليس فيه.
وعن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : هذا الشيء يشتبه الرّجل بقلبه وسمعه وبصره لا تتوق نفسه إلى غير ذلك ، فقد حيل بينه وبين قلبه إلّا ذلك الشيء.
(وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٢٤) : فيجازيكم بأعمالكم.
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) : اتّقوا ذنبا يعمّكم أثره كإقرار المنكر بين أظهركم ، والمداهنة في الأمر بالمعروف ، وافتراق الكلمة ، وظهور البدع والتّكاسل في الجهاد.
على أن قوله : «لا تصيبنّ» إمّا جواب الأمر على معنى : إن أصابتكم لا تصب الظّالمين منكم. وفيه أنّ جواب الشّرط متردد ، فلا يليق به النّون المؤكّدة. لكنّه لما تضمّن معنى النهي ، ساغ فيه ، كقوله : (ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ).
وإمّا صفة «لفتنة» و «لا» للنفي. وفيه شذوذ ، لأن النّون لا تدخل المنفي في غير القسم. أو للنهي على إرادة القول ، كقوله : حتى إذا جنّ الظّلام واختلط جاءوا بمذق هل رأيت الذّئب قط.
وإمّا جواب قسم محذوف ، كقراءة من قرأ : «لتصيبن» ، وإن اختلفا في المعنى.
ويحتمل أن يكون نهيا بعد الأمر باتّقاء الذّنب عن التّعرض للظّلم ، فإنّ وباله يصيب الظالم خاصّة ويعود عليه.
و «من» في «منكم» على الوجه الأول ، للتّبعيض. وعلى الأخيرتين للتّبيين.
وفائدته التّنبيه ، على أنّ الظّلم منكم أقبح من غيركم.
وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن عبد الرّحمن بن سالم ، عن الصادق ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية قال : أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، حتّى تركوا عليا وبايعوا غيره. وهي الفتنة الّتي فتنوا بها. وقد أمرهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ باتّباع عليّ والأوصياء من آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ.
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢ / ٥٣ ، ح ٤٠.