عدّة من أصحابنا (١) ، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرميّ قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : رجل كان له على رجل مال ، فجحده إيّاه وذهب به. ثمّ صار بعد ذلك للرّجل الّذي ذهب بماله مال قبله ، أيأخذه منه مكان ماله الذي ذهب به منه ذلك الرّجل؟
قال : نعم ، ولكن لهذا كلام. يقول : اللهمّ ، إني آخذ هذا المال مكان مالي الّذي أخذه مني ، وإني لم آخذها ما أخذت منه خيانة ولا ظلما.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢). وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : وأما خيانة الأمانة ، فكلّ إنسان مأمون على ما افترض الله ـ عزّ وجلّ ـ عليه.
قال (٣) : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر. فلفظ الآية عام ، ومعناها خاصّ.
قال : ونزلت في غزوة بني قريظة في سنة خمس من الهجرة ، وقد كتبت في هذه الصورة (٤) مع أخبار بدر. وكانت على رأس ستة عشر شهرا من مقدم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ المدينة. ونزلت مع الآية التي في سورة التّوبة قوله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) التي نزلت في أبي لبابة.
قال : فهذا الدّليل على أنّ التأليف على خلاف ما أنزل الله على نبيّه.
ثم ذكر هذه القصة هناك ، كما يأتي.
(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) : لأنّهم سبب الوقوع في الإثم والعقاب. أو محنة من الله ، ليبلوكم فيه. فلا يحملنّكم حبّهم على الخيانة ، كأبي لبابة.
(وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٢٨) : لمن آثر رضا الله عليهم ، وراعى حدوده فيهم. فأنيطوا هممكم بما يؤديكم إليه.
وفي مجمع البيان (٥) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : لا يقولنّ أحدكم : اللهم إني أعوذ بك من الفتنة. لأنه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة. ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن. فإنّ الله ـ سبحانه ـ يقول : (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ).
__________________
(١) الكافي ٥ / ٩٨ ، ح ٣.
(٢) تفسير القمي ١ / ٢٧٢.
(٣) تفسير القمي ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.
(٤) المصدر : السورة.
(٥) مجمع البيان ٢ / ٥٣٦.