المكان. إمّا أن يكونوا صعدوا إلى السّماء ، أو أدخلوا تحت الأرض.
فبعث الله العنكبوت ، فنسجت على باب الغار. وجاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار ، ثمّ قال : ما في الغار أحد (١).
فتفرقوا في الشّعاب ، وصرفهم الله عن رسوله. ثمّ أذن لنبيّه في الهجرة.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) : وهو قول النضر بن الحارث بن كلدة يوم بدر. وإسناده إلى الجميع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم ، فإنّه كان قاصّهم. أو قول الّذين ائتمروا في أمره ـ عليه السّلام ـ. وهذه غاية مكابرتهم وفرط عنادهم. إذ لو استطاعوا ذلك ، فما منعهم أن يشاءوا وقد تحداهم وقرّعهم بالعجز عشر سنين ثمّ قارعهم بالسّيف. فلم يعارضوا سوره مع أنفتهم وفرط استنكافهم أن يغلبوا ، خصوصا في باب البيان.
(إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٣١) : ما سطّره الأوّلون من القصص.
قيل (٢) : قاله النّضر ـ أيضا ـ. وذلك أنّه جاء بحديث رستم وإسفنديار من بلاد فارس ، وزعم أنّ هذا هو مثل ذاك.
(وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣٢).
قيل (٣) : هذا ـ أيضا ـ من كلام ذلك القائل أبلغ في الجحود.
ونقل (٤) : أنّه لمّا قال النّضر : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ، قال له النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ويلك ، إنّه كلام الله.
فقال ذلك.
والمعنى : ان كان القرآن حقّا منزلا ، فأمطر الحجارة علينا عقوبة على إنكاره. أو ائتنا بعذاب أليم سواء.
والمراد به : التّهكّم ، وإظهار اليقين ، والجزم التّامّ على كونه باطلا.
وقرئ (٥) : «الحقّ» بالرفع ، على أنّ «هو» مبتدأ غير فصل. وفائدة التعريف فيه ،
__________________
(١) المصدر : واحد.
(٢) تفسير الصافي ٢ / ٢٩٧.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣.
(٤) نفس المصدر ، والموضع.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٢.